وقد أَوضحتُ في كتاب القاف أنّ ذا القرنين الذي بنى سدّ يأجوج ومأجوج هو تُبّع الأقرن لأنّه ولِدَ وقرناه أشيبان فسمِّي الأقرن وذا القرنين ، وكان عبداً صالحاً عالماً قد تمكَّّن في الأرض»(١).
ولكن العلاّمة أبو الكلام آزاد(٢) طرح رأياً مخالفاً لما مرّ من التأويلات عن شخصية ذي القرنين وتحديدها ، وقد عرض لهذا الرأي السيّد سلمان عابد الندوي عرضاً مفصّلاً في كتابه تأمّلات في شخصية ذي القرنين دراسة تحليلية بقلم الأستاذ إمتياز علي عرشي في ضوء ما كتبه العلاّمة أبو الكلام آزاد(٣) ، والرأي عنده أنّه الملك قورش الفارسي وليس الاسكندر الرومي أو أحد التبابعة أو غيره ، وأنّ الرأي القائل بأنّه الاسكندر المقدومي هو باطل لثبوت وثنيّته وعدم إيمانه بالله والبعث بعد الموت ، وأنّ هذا الأمر ـ أي تحديد شخصية ذي القرنين ـ أخذ مدىً واسعاً في الدراسات فقد : «صنّف سير سيد أحمد خان رسالة تُسمّى إزالة الغين عن قصة ذي القرنين طبع في آجرة سنة (١٨٩٠ م) وأثبت فيها أنّ المراد بذي القرنين هو ملك الصين (جي ، وانك ، تي) الذي بنى جدار الصين وتُوفّي سنة (٢١ ق.م) ، ثمّ ألّف مولانا
__________________
(١) المصدر نفسه ٦/٣٧٣٩.
(٢) أبو الكلام آزاد صاحب تفسير (ترجمان القرآن) باللغة الأردية المتوفّى سنة (١٩٥٨ م) ، وهو من كبار العلماء وأشهر الخطباء في شبه القارّة الهندية ووزير المعارف الأسبق في جمهورية الهند ، وكان من زعماء حركة استقلال الهند ، ورأيه عن ذي القرنين طرحه في تفسيره المذكور (يُنظر : تأمّلات في شخصية ذي القرنين ، ص٨).
(٣) طبع مؤسّسة الرسالة ، بيروت ـ سوريا ، ط٢ ، سنة (١٩٨٩ م).