وفي هذه الحالة فإنّ (قورش) الذي كان من أتباع الديانة الزرادشتية لم يكن نبيّاً بل كان ملكاً صالحاً «ومعلّماً أخلاقيّاً يؤسّس ـ خلافاً لما كانت عليه الملوك والحكومات من الأخلاق والسيرة ـ إمبراطورية جديدة على أخلاق سياسية جديدة»(١) ، وأصحاب الكهف كانوا من الصالحين وكذلك الفتى الذي رافق موسى كان من الصالحين ، فسورة الكهف هنا تقصّ علينا قصصاً ثلاثة لمجموعة من الناس الصالحين الذين دعانا القرآن إلى الاعتبار بقصصهم.
ويحدّد أبو الكلام آزاد الأماكن التي دخلها ذو القرنين (قورش) منها فتح بابل وتحرير اليهود بعد سبعين سنة من السبي في زمن بخت نصر سنة (٥٤٥ ق.م) بطلب من أمراء بابل وشخصيّاتها بأن يقدم إلى مدينتهم ويُنجّيهم من عسف الملك بيل شازار الذي خلف بخت نصر(٢). ومن المناطق التي فتحها (قورش) مناطق شمال إيران التي تتاخم الجبال الشمالية الفاصلة بين بحر الخزر والبحر الأسود أي بلاد القوقاز ، ومن ثمّ أمر ببناء سدّ حديدي هناك(٣).
والآية القرآنية تشير إلى تمكينه بالأرض في قوله تعالى : (اِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيء سَبَباً)(٤) ، وهذا يذكّرنا بقوله تعالى :
__________________
(١) المصدر نفسه : ٥٥.
(٢) المصدر نفسه : ٥٦.
(٣) المصدر نفسه : ٦٠.
(٤) سورة الكهف : ٨٤.