من الآيات الكريمة ، مفصلا كل سمة من سماتها المرضية.
ولو درس كل مهتم بالأمراض النفسية كل ما كتب عن الشخصية المريضة ، وما أكثر ما كتب عنها ، لما استطاع أن يكوّن عنها الفكرة الصحيحة العميقة الموجزة كتلك التي يجدها في كتاب الله الكريم.
أ ـ الشخصية المريضة بصورة إجمالية
للشخصية المريضة ، نماذج عدة ، تبعا لسيطرة إحدى السّمات المرضية فيها على بقية السّمات إلا أنه يجمعها قاسم مشترك هو فقدان الإيمان الصحيح.
والشخصية المريضة مسئولة عن أعمالها في الدنيا والآخرة : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (الأحقاف : ٢٦).
والشخصية المريضة ، هي حالة حدود بين المرض والصحة بالمعنى المتعارف عليه في علم النفس ، إذ نادرا ما تشعر أو تعلم أو تعترف هذه الشخصيات بعدم اتزانها ما دامت تجد متنفسا لتنفيذ غاياتها وأهوائها ونزواتها اللاأخلاقية من خلال الأفراد الذين تتعايش معهم ، أما إذا جابهها الغير ورفض الانصياع لرغباتها ونزواتها وأهوائها المريضة ، فقد تصل هذه الشخصيات غير المتزنة إلى عيادة الطب النفسي ، ولكن بعد الكثير من المآسي الاجتماعية ، فهي حينئذ «محطّمة محطّمة» «معذّبة معذّبة» ، لكنها بعد فترة لا تلبث أن تعاود سيرتها الأولى من إيذاء الغير ودون أي شعور بالذنب ، بل على العكس فإنها تعتبر نفسها ضحية أخطاء وذنوب الغير ، إنها من أصعب النفوس علاجا وأشدها إيذاء للمجتمع. وتنبيها لنا من المولى عزّ وعلا إلى خطورة هذه الشخصيات اللاأخلاقية على المجتمع نجد في كتابه الحكيم