أما إذا اجتمعت كل هذه الصفات المرضية بصورة بارزة ومسيطرة في شخصية واحدة ، فهذه هي شخصية أكثر الطغاة وأعداء المجتمعات على مر التاريخ وحتى يومنا الحاضر فهم : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ). أما مصيرهم في الدنيا والآخرة فهو المذلة والمهانة والعقاب : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ). (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
هذا غيض من فيض من أوصاف الشخصيات المريضة علما أنّ في أعماق كل نفس غير مؤمنة حقا شيئا من صفات هذه الشخصية المريضة التي رسمنا خطوطها العريضة ولا سبيل للتخلص من هذه الصفات قبل استفحالها إلا باتباع سبل الهداية الموجودة في نصوص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة. وكل علاج نفسي لا يعتمد على ذلك هو وقتي غير مجد ، والتجربة والواقع يصدّقان ذلك.
٢ ـ الأمراض النفسية العصابية
المريض النفسي العصابي ، يختلف عن مريض الشخصية ، بأنه يعرف ويشعر ويعترف بأنه مريض في أحاسيسه وأفكاره وتصرفاته ، ونادرا ما يهدم الغير ويؤذيه ، بل يبقى على اتصال وتعامل مع محيطه ضمن القوانين السائدة فيه ، وهو يطلب المساعدة والعلاج.
لن نتوقف أمام مختلف الأمراض النفسية العصابية ، من عصاب القلق إلى عصاب الخوف والهلع إلى عصاب الهستيريا وغيرها ، إذ يجمعها قاسم مشترك وهو القلق والخوف من المجهول ، ولقد فصلنا في الفصول السابقة نشأة وجذور وعلاج هذا الخوف من الأشياء المجهولة والمعلومة ، فكل الأمراض العصابية ترجع في جذورها إلى عقد النفس الأساسية ، كعقد الموت ، وعقد الحرمان المادي والعاطفي وعقد النقص والتعالي والعقد الجنسية وغيرها ...