عصاب الوسواس
نتوقف قليلا عند عصاب الوسواس أو ما يسمى بعصاب السلوك والتفكير الجبري ، وهو من أشد الأمراض العصابية إزعاجا وأصعبها علاجا كما هو معروف في علم النفس.
فعصاب الوسواس متجذر في أعماق النفس الإنسانية ، ويرجع في منشئه إلى عقد الموت بصورة رئيسية ، وعقد النقص والخوف من الغير وحب الظهور وعقد الحرص والحرمان بصورة ثانوية. وقد يكون للعامل الوراثي بعض التأثير ، إلا أن التربية البيتية من قبل أهل هم أيضا «موسوسين» هو العامل الرئيسي في تنشئة وتجذر وصعوبة علاج الوسواس ، كما وأن التحليل النفسي على طريقة «فرويد» أو غيره والمعالجة الكيميائية بالعقاقير ، أو المعالجة السلوكية بمواجهة المريض تدريجيا بما يخفيه ويتوسوس منه ، أثبتت كلها بعد عشرات السنين من اتباعها ، عدم جدواها أو فاعليتها المؤقتة ، ولو لم يكن الوسواس بهذه الدرجة من الإزعاج وعدم الاستجابة للمعالجات الوضعية لما أمر المولى الناس عامة والموسوسين منهم خاصة بالالتجاء إليه وإلى تعاليم كتابه في سورة مخصصة «بالوسواس» هي إحدى المعوذتين :
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).
وقد وجدنا من خلال تجربتنا العلاجية في حقل الأمراض العصابية ، وخاصة عصاب الوسواس ، أنه لا شيء يجدي بصورة دائمة إلا المعالجة النفسية التحليلية المستندة إلى ما ندعوه مبادئ التحليل النفسي المستخلصة بصورة علمية ومنهجية من كتاب الله والحديث والسنة ، وكل محاولة تحليلية نفسية تتعارض مع هذه المبادئ الإيمانية هي مضيعة للوقت والمال. وإحصائيات المهتمين بالتحليل النفسي تؤكد ما أشرنا إليه أعلاه.