وثيقة بنفسية الإنسان وتصرفاته. وقد خاض فيها كثيرون من الباحثين ، فضاع بعضهم في متاهاتها وأوضاع القراء ، وشوهها بعضهم وأساء إلى الدين الإسلامي من حيث لا يدري ، واستغلها البعض للّمز من الإسلام.
إن البحث في هذا الموضوع ، وعلى ضوء الهدي القرآني والأحاديث ، هو من أجمل الموضوعات وأمتعها ، وتبسيط المصيبة وتقريبها من ذهنية المؤمن هو برأينا من الواجبات الدينية التي تفتح للمسلم آفاقا واسعة تساعده في الوصول إلى الراحة النفسية والسعادة.
من خلال تجربتنا المهنية مع المرضى سواء كانوا نفسيين أم عضويين وغالبا ما تتداخل العوامل النفسية والعضوية في تأثيرها المرضي عند الإنسان ، ومن خلال الحديث مع أهلهم ومن يعنى بهم ، (وعناية الأهل بالمريض وخاصة النفسي وإحاطته بالاهتمام والرعاية شرط أساسي وضروري لشفائه) وجدنا أن شرح معنى المصيبة سواء كانت مرضا خطيرا قاتلا أم مزمنا غير قابل للشفاء ، ومن زاوية إيمانية ، هو من أهم الضرورات العلاجية النفسية ، التي تساعد المريض ، والأهل على تقبل المصيبة المرضية التي حلت بهم بل والرضا بها.
وللمصيبة ثمانية معان : هي بلاء أو غفران أو جزاء أو دواء. هي من نفس الإنسان أو من جهله أو من غيره أو لخيره.
١ ـ المصيبة كبلاء
هي أولا بلاء أي اختبار وامتحان لإيمان الإنسان وصبره. من خلالها يميّز المؤمن الصادق من المزيف المخادع : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (أي يختبرون ويمتحنون). (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَ) (بمعنى فليشهدن) (اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ). (العنكبوت : ٢ ـ ٣) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا)