(إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) أول آية مباركة في التنزيل ، هي أمر من المولى عز وعلا لكل إنسان عاقل بأن يتعلم ، والاستزادة من العلم أمر إلهي آخر (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) ، والذي بلّغ الدعوة عليه أزكى الصلوات ، وصف نفسه قائلا : «إنما بعثت معلما» ؛ لذلك لا ينتقل العبد المكلف من خانة المسلم بالهوية ، وهي مع الأسف حالة أكثر المسلمين اليوم ، إلى خانة المسلم المؤمن حقا ، وهي حالة القلة ، إلا إذا انتقل بإيمانه نقلة نوعية ، من إيمان الفطرة إلى إيمان البرهان أي الحجة والدليل ، ولا يكون ذلك إلا بواسطة العلم ، فالإيمان الصحيح ، هو عملية منطقية ، فكرية ، علمية ، قبل أن يصبح مسألة وجدانية شعورية ، ولا يخشع قلب الإنسان وتلتزم جوارحه بالطاعة لتعاليم السماء ، إلا إذا تكونت لديه الحجة والبرهان ، أي الدليل العقلي المنطقي والعلمي الذي من خلاله لا مناص لكل خلية من خلايا دماغه المفكر بالتملص منه ، وعندئذ فقط يخشع قلبه وتلتزم جوارحه ، وتصبح لديه المناعة ضد كل أصوات التشكيك المنبعثة من النفوس المريضة ، الأمارة بالسوء ، الظانة بالله (ظَنَّ السَّوْءِ) وما أكثرها وأعتاها في داخلنا ومن حولنا!
ومن يتقصى أسباب نشأة المدارس الفكرية والأنظمة الوضعية