ذلك أن للموت في المفهوم الإسلامي معنى مشرقا ، مفعما بالأمل والرجاء ، معنى حياة أفضل واستمرارية خالدة سعيدة ، في حين أن للموت في المنظار العلمي المادي معنى تعيسا مظلما معنى الفناء والعدم ، وكل حي يكره الفناء ويخافه ويهرب منه.
ب ـ الموتة الصغرى والنومة الكبرى
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ، فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). (الزمر : ٤٢).
سبق لنا التعليق العلمي على هذه الآية الكريمة عند ما تناولنا موضوع النوم ، في الفصل السابق. فالموت في المفهوم القرآني هو إما موتة صغرى (نومنا العادي اليومي) أو نومة كبرى (الموت المتعارف عليه عند الناس) تنتقل خلالها الروح إلى حياة روحية فقط ، هي حياة البرزخ بدون الجسد والنفس.
هذا المفهوم القرآني لأحد معاني الموت نحن نشدد عليه جدّا ، فبه نمحو الصورة المرعبة عن الموت في أذهان أكثر الناس ، ما دام الموت في هذه الدنيا هو في المفهوم القرآني انتقال الروح من حياة النشأة الأولى إلى حياة جديدة هي حياة البرزخ ، وحياة البرزخ قلما توقف عندها من تناول معاني الموت والحياة من الوجهة القرآنية.
فما هي حياة البرزخ؟
خلال النومة الكبرى (أي الموت بمعناه العادي) تموت النفس ووعاؤها الجسد ، (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أما الروح علة الحياة في النفس والجسد فيجعل المولى بينها وبين الجسد برزخا أي حاجزا غير منظور (حَتَّى إِذا جاءَ