أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون ٩٩ ـ ١٠٠) إن روح الكافر هي التي تقول في هذه الآية الكريمة (رَبِّ ارْجِعُونِ) فلقد أصبح يقينا بعد الموت بالنسبة للكافر كل غيب كان ينكره ، والمولى سبحانه وتعالى يقول : كلا ، معللا السبب بقوله (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). وهناك آيات كثيرة وأحاديث شريفة تؤيد وجود الحياة الروحية بعد موتة الحياة الدنيا وقبل الحياة الأخرى الخالدة : نكتفي منها بالتالي :
(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ. فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ) (يخاطب هنا أرواح قومه الذين أخذتهم الصيحة) (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي ، وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) (الأعراف ٧٧ ـ ٧٩).
وكذلك بالنسبة للنبي شعيب الذي خاطب قومه بعد موتهم : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ ، وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي ، وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) (الأعراف : ٩٣).
وروي عن الرسول الكريم ما يؤيد حياة البرزخ الروحية :
كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة (الأرض الواسعة) ثلاث ليال ، فلما كان ببدر اليوم الثالث ، أمر براحلته فشد عليها رحلها ، ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا : ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركيّ (أي البئر التي دفن فيها قتلى المشركين من بدر) فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ، ويا فلان ابن فلان ، أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا. فقال عمر يا رسول الله : ما تكلم من أجساد لا