والمولى أماتنا اثنتين : الموتة الأولى : وهي موتة النفس والجسد ، أي موتتنا في الحياة الدنيا ، عند انقضاء الأجل المحتوم (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) وموتة أخرى أي موتة الروح بعد انقضاء حياتنا الروحية البرزخية.
وعند النفخة الأولى في الصور (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى ، فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (الزمر : ٦٨) ، ويختصر كل ذلك قوله تعالى في الآية الكريمة التالية : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) (أي عدما) (فَأَحْياكُمْ) (الحياة الأولى الفانية) (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) (موتة الجسد والنفس ثم الروح) (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (الحياة الأخرى الخالدة) (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة : ٢٨) وهي من مثاني قوله تعالى : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ).
٢ ـ المفهوم القرآني للموت من الوجهة النفسية
إن عقدة خوف الموت المتأتية من غريزة حب الحياة والمحافظة عليها هي من أولى وأهم العقد النفسية الأساسية عند الإنسان ، وتتحكم في أغلب التصرفات والأحاسيس الشعورية العصابية ، وكل المدارس الفلسفية والنفسية والاجتماعية ليس لها ما تقدمه من حل جذري لهذه العقدة النفسية المرعبة إلا من مدرسة السماء التي خففت الكثير من وطأة هذه العقدة ، من خلال عقيدة البعث والحساب ، لا بل إن الإسلام من خلال عقيدة البعث والجهاد لم يقدم فقط حلا منطقيا شافيا لعقدة الموت بل تسامى بها إلى فضيلة حب الاستشهاد في سبيل الله.
ولقد سبق لنا وأوضحنا في الفصل الثالث معاني الموت من الوجهة النفسية.
٣ ـ معاني الموت البيولوجية في القرآن الكريم
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ