رجل ناضج بفعل مورثات التخلق والتسوية والنمو) (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) (بفعل عوامل الهرم والشيخوخة التي تحكمها مورثات تصلب الشرايين والسرطان والمناعة وغيرها) (يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم : ٥٤).
فالموت من الوجهة البيولوجية ، كما بدأ العلم يبين ذلك هو مقدر في الثروة الوراثية للإنسان ومنذ بدء تخلق الجنين ، مصداقا لقوله تعالى : (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ. عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) (الواقعة : ٦٠ ـ ٦١) وعوامل الموت والحياة البيولوجية هي مكتوبة بلغة كيميائية في داخل الإنسان وفي ثروته الوراثية بالذات مصداقا لقوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (فاطر : ١١) أولا تعني كلمة كتاب هنا من بين ما تعنيه من معان ، الشيفرة الكيميائية المكتوبة في خلايا كل مخلوق حي عنينا بها الثروة الوراثية؟ الله أعلم بتأويل كلماته.
٤ ـ الموت الطبي ، موت الدماغ
حتى منتصف القرن العشرين ، اقتصر تعريف الموت من الوجهة الطبية على التأكد من توقف القلب عن الخفقان بصورة دائمة ؛ ومع تقدم علم التخدير والإنعاش أمكن في بعض الحالات الطبية التي يتوقف خلالها القلب إعادته إلى الخفقان بواسطة التدليك القلبي والصدمات الكهربائية القلبية والأدوية ، كما أمكن بواسطة آلة التنفس الاصطناعي الاستغناء عن عمل الرئتين لبعض الوقت ، وبذلك تبين للأطباء أن المريض الذي يتوقف قلبه عن الخفقان لمدة تزيد عن ثلاث دقائق ، ثم يعود للخفقان بواسطة الإنعاش والتنفس الاصطناعي قد يبقى لبعض الوقت ، مدة قد تطول وقد تقصر إلا أنه يبقى فاقد الوعي وفي غيبوبة من الدرجة الرابعة ، إلى أن يتوقف القلب تلقائيا رغم كل وسائل الانعاش ، ومن هنا نشأ مفهوم الموت الطبي أو الموت