٤ ـ أشكال الانهيار النفسي
أ ـ الإحباط النفسي الطبيعي :
يشعر كل انسان لدى فقدانه لشيء عزيز عليه بنوع من الإحباط ، ننعته بالطبيعي وليس المرضي وهو عملية مقاومة نفسية يستطيع من خلالها الإنسان تخطي صعوبات عرضية ، والمسلم الذي فهم دينه وعقل معنى هوية المصيبة من الزاوية الإسلامية كما فصلناها في الفصل السادس من هذا الكتاب ، لا يعرف من الإحباط النفسي إلا الإحباط الطبيعي الذي تبقى عوارضه لبضعة أيام أو أسابيع على الأكثر ، علما أن هذه العوارض طفيفة وليست مزعجة كعوارض الإحباط النفسي المرضي ، فالرسول عليه الصلاة والسلام حزن حزنا طبيعيا عند موت زوجته خديجة عليها الصلاة والسلام وعمه أبي طالب وابنه إبراهيم ؛ روى البخاري ومسلم أن الرسول صلىاللهعليهوسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله؟ فقال «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى فقال «إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون».
كذلك كان حزن سيدنا يعقوب حزنا طبيعيا على فراق ولده يوسف عليهالسلام ، وإن كان هذا الحزن قد طالت مدته لدرجة أن الحزن أفقده بصره (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ، قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ ، قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (يوسف : ٨٤ ـ ٨٦).
ومن أعراض الحزن الطبيعي أنه لا يحبط بالعمق مختلف قوى الإنسان الشعورية والعضوية والعقلية كالحزن المرضي ، فلا يمنع الإنسان من العمل والتفكير والشعور بصورة طبيعية ، والأهم أن ظاهرة تمني الموت