٣٠). فالنفس هنا تعني صفة من صفات الله. ولله أسماء صفات هي سبعة وتسعون اسما هي من أسماء الله الحسنى أما «الله» و «الرحمن» فهما اسما ذات ، ومن الواجب التفكر في صفات الله ودعوته بها : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) ومن أسماء صفاته : الجبار ، والمنتقم ، والمولى يحذرنا من بطشه وانتقامه في هاتين الآيتين : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (آل عمران : ٢٨) (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (آل عمران : ٣٠).
ثانيا : من معاني النفس قرآنيا : الروح ، والله أعلم ، إذا قرنت كلمة النفس بصفة المطمئنة. ولقد ورد هذا المعنى للنفس في آية واحدة من كتاب الله : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي) (أي في جسد عبادي) (وَادْخُلِي جَنَّتِي) (الفجر : ٢٧ ـ ٢٩). أما الروح فمن العبث البحث في ماهيتها أي : كنهها وتركيبها لقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) ، لذلك لا نسمح لأنفسنا أن نبحث في ماهية الروح ، فالروح هي سر الخالق في الخلق ومن أمره ، وقد أغلق المولى معرفة سرها في قوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (يس : ٣٦) ، أي أن المولى خلق مختلف أنواع الأحياء من الأرض ومن أنفسهم ومن الروح.
ثالثا : أما بقية الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة النفس ، فإننا نستطيع أن نستخلص من خلالها القول بأن النفس هي مخلوق له كيانه الخاص وصفاته ومميزاته. فالنفس تموت وتفنى كبقية المخلوقات : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ). (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ). والإنسان قد يظلم نفسه : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (الأعراف : ٢٣) ، والنفس قد تكون أمارة بالسوء