النفس. وكما بدأ علم الكيمياء العضوية وعلم معالجة الأمراض النفسية بالمواد الكيميائية يثبت ذلك.
ومنذ منتصف القرن العشرين بدأ علماء الكيمياء العضوية يكتشفون تباعا أن كل القوى العقلية والانفعالات والتصرفات التي ندرسها اليوم تحت اسم الظواهر والأمراض النفسية والعقلية ما هي إلا نتيجة لتداخلات ومؤثرات مادية بواسطة مواد بيوكيميائية تفرزها مجموعات من الخلايا ، وتصب كلها في الدم أو السوائل الناشئة منه والذي ينقلها بدوره إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح الانفعالات والتصرفات التي ندعوها بالنفسية ، سواء كانت سليمة أو مرضية من حبور وسرور وانشراح أو غضب وخوف وقلق وهلوسة وضياع.
ولقد اكتشف العلم منذ بدء الستينات مئات المواد الكيميائية في داخل الجسم وخارجه وكلها تتحكم في الظواهر والأمراض النفسية ، وتنتقل أو توجد أو تصب في الدم الذي ينقلها إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح العوارض النفسية ، وهكذا تتضح الصورة تدريجيا. فإذا عرّفنا النفس بأنها الدم ، فهذا التعريف الموجز الجامع البسيط يتوافق مع ما بدأ علم كيمياء العوارض النفسية بإثباته. وهذا علم جديد لا يتجاوز عمره عشرين سنة ، فكل العوارض النفسية من حبور وغضب وهلوسة وهدوء تتحكم فيها بالحقيقة مواد كيميائية ينقلها الدم إلى مختلف أعضاء الجسم التي هي مسرح الانفعالات.
مثلا : الخوف : هو عارض نفسي له ظواهر نفسية وعضوية ، وتسببه مواد كيميائية ، كذلك القلق والإحباط النفسي. ومنعا لكل تساؤل من أننا إذا عرّفنا النفس بأنها الدم ، يصبح معنى ذلك أننا نستطيع تغيير نفسية الإنسان بتغيير دمه ، نقول :
المسألة ليست بهذه السهولة ، فالمواد الكيميائية التي تسبب الظواهر