خلايا الجسم الإنساني وعددها ما يقرب من مائة ألف أو مليون خلية ولقد قدروا أن هذه الشبكة التي يجري فيها الدم يبلغ طولها تقريبا إذا وضعت في خط مستقيم ما يقرب من مائة ألف ميل!
الدم هو موسوعة ، بل مجموعة موسوعات ، من المواد الكيميائية ، التي يتطلب درسها والكتابة عنها عشرات الموسوعات الطبية في علم الكيمياء العضوية ، وعلم الوراثة وعلوم الأمراض وغيرها ، ويكفي أن نذكر بأن دم الإنسان يحتوي تقريبا على خمسة وعشرين بليون كرة حمراء يهلك منها في كل ثانية مليونان ونصف من الكريات يجددها تلقائيا مخ العظام ، كما أنه يحتوي على ثلاثين مليون خلية بيضاء ، هي جنود الجسم وعدته في المناعة والدفاع ، وهناك أيضا ما يقرب من مليار صفيحة لها الدور الرئيسي في تخثر الدم.
أما مكونات الدم الكيميائية فاللائحة لها تطول كل يوم إذ تتعدى المئات بل الآلاف من المواد الكيميائية المعقدة ، وبمقدور المختبرات اليوم أن تفحص وتزن القليل منها وتجعلها فحوصات روتينية في متناول الجمهور.
كشف علم الوراثة منذ سنوات فقط ، أن بصمات الأصابع ليست وحدها التي لا تتشابه عند مختلف الناس ، بل إن الدم أيضا يختلف باختلاف الأشخاص ، فلا يوجد دم عند شخص مشابه لدم إنسان آخر من الوجهة الوراثية إلا عند التوائم الصحيحة ، علما أن إعطاء أي مريض دما من فصيلة دمه لا يعني قطعا أنه يتشابه معه تماما. ومن هنا نفهم العمق العلمي في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء : ١) فمن نفس واحدة ، هي نفس سيدنا آدم خلق المولى عشرات المليارات من الأنفس التي تختلف عن بعضها البعض وعن النفس الأم المصدر. وقد تبين ذلك لعلماء الوراثة حديثا ، فاحتمال