جزوعا. وإذا مسّه الخير منوعا إلّا المصلّين). (خلق الإنسان من عجل). (وخلق الإنسان ضعيفا).
فالمولى عز وعلا خلق الإنسان هلوعا وعجولا بحكم تكوين جهازه العصبي ، أي مفرط الحساسية شعورا وتصرفا تجاه كل ما يحيط به من عوامل داخلية وخارجية قد تعرض ذاته وحياته للخطر ، وذلك رأفة به ومحافظة على حياته. وكذلك وضع المولى نفس النظام ، نظام الدفاع عن الذات في بقية المخلوقات الحية ، ذلك أن في كل المخلوقات مراكز عضوية تتحكم في الخوف والغضب وسرعة الانفعال والهرب فتجعلها جزعة خائفة نفورة إذا مستها عوامل الأذى والشر. وفي الإنسان وبقية المخلوقات أيضا مراكز للذة والجوع والشبع ، تجعلها ساكنة لا تهتم بما يجري حولها عند ما تتأمن مقومات اللذة والشبع ، إلا أن الفرق بين الإنسان والحيوان ، هو أن الأخير مسير من خالقه ، لذلك فإن الخوف والهلع واللذة والسكون عند الحيوان هي ميزات طبيعية لا تؤذي ذاته. أما عند الإنسان وهو المخير مع الجن دون سائر المخلوقات ، فمراكز الهلع والغضب واللذة والهدوء الموجودة في الدماغ الحيواني وإن لم يسيرها الدماغ المفكر العاقل الذي جعله المولى سيد النفس الإنسانية وفق تعاليم الخالق ، أصبح الإنسان عبدا لهواه وشهواته وغرائزه الموجودة في دماغه الحيواني ، فيصبح عندئذ كالأنعام بل أضل (أرأيت من اتّخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا. أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا) (الفرقان : ٤٣ ـ ٤٤).
٢) القلق والخوف المرضي :
أ ـ تعريفه
لا نريد أن نتوسع كي لا ندخل في متاهات التفريق الأكاديمي بين القلق المرضي ، وهو حالة شعورية من الضيق ؛ والخوف المرضي ، وهو حالة