والراحة الجسدية والمحافظة على النوع من خلال الحاجة الجنسية ، وحب التملك وغيرها من حاجات حياتية رئيسية.
هذه المراكز الدماغية التي تحكم التصرف الإنساني البيولوجي وتؤمن بقاءه والمحافظة على نوعه ، هي ضرورة وضعها المولى في كل مخلوق حي ، إلا أنها في الإنسان ، وهو المخيّر دون سائر المخلوقات ، قد تجمح به إلى أن يصبح عبدا لها وأسيرا لمتطلباتها فتصبح عقدا نفسية بالمعنى المرضي ، إذا لم يسيّرها الدماغ المفكر في الإنسان ، ويسيطر عليها حسب أوامر من هو أعلم العالمين به الخالق عزّ وعلا مصداقا لقوله تعالى : (إنّ الإنسان خلق هلوعا. إذا مسّه الشّرّ جزوعا. وإذا مسّه الخير منوعا. إلّا المصلّين) (المعارج : ١٩ ـ ٢٢).
وهكذا يتضح لنا أن ما يسمونه بالعقد النفسية ، ما هو إلا نتيجة «جنوح» غرائز حفظ الذات الطبيعية بالإنسان جنوحا مرضيا إذا تخلى عن فهم تعاليم السماء التي تنظمها وتجعلها سوية ، كما نظمتها وجعلتها سوية عند الحيوان فتتحول حينئذ غريزة المحافظة على الحياة إلى عقد الموت وعقدة حب الخلود ، وما يتقنع وراءها ؛ ويتحول التفتيش عن اللذة والهروب من الألم إلى عقد الحرص والعقد الجنسية ؛ ويتحول شعور الإنسان الطبيعي بضعفه إلى عقد النقص والحرمان والتعالي والكبرياء وعقدة العجل والتسرع.
ونحب أن نسمي هذه العقد النفسية التي تنغص على الإنسان حياته وتمنعه من تحقيق سعادته ب «العقبات النفسية». وقد أشارت إليها بصورة جامعة الآيات الكريمة التالية : (فلا اقتحم العقبة. وما أدراك ما العقبة. فكّ رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيما ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة. ثمّ كان من الّذين آمنوا وتواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرحمة. أولئك أصحاب الميمنة) (البلد : ١١ ـ ١٨).