كركوب الطائرة والمصاعد والقطارات والغرف المقفلة ودخول الدهاليز والأقبية المظلمة ، هو في جذوره خوف من الموت ومن القبر بالذات ، هذا المكان الضيق الذي لا سبيل للخروج منه ، وهذه الفكرة من أن كلا منا سيدفن في يوم من الأيام في مكان ضيق مظلم لا سبيل للخروج منه ، هي فكرة موجودة في شعور كل إنسان عاقل ، منذ أن وعى معنى الموت ، ويصاحبها شعوريا أو لا شعوريا كثير من التخيلات المزعجة خاصة فكرة عودة الحياة إلى الميت في القبر. ويحاول كل منا أن يمحو هذه التخيلات والأفكار المزعجة بنسيانها ودفنها في أعماق اللاشعور ، إلا أنها عند البعض وتحت تأثير أحداث متصلة بالموت تعود إلى الظهور وتشكل أعراضا عصابية كظاهرة الخوف بدون سبب معقول إلى أن يتبلور ويتستر هذا الخوف تحت عصاب الخوف من الأماكن المقفلة ، والذي هو في الحقيقة محاولة يحاول فيها الإنسان التخلص من عقدة الموت وعقدة الخوف من القبر بالذات.
ليخضعوا المريض العصابي بمرض الخوف من الأماكن المقفلة للتحليل النفسي على طريقة «فرويد» أو غيره ، (وفرويد كان مصابا بهذا العصاب ولا ندري لما ذا لم يشف نفسه منه لا سيما وأنه واضع أسس التحليل النفسي؟!! وليعطوه ما شاءوا من المسكنات وما أكثرها ، وليهللوا ما شاءوا للنتائج الايجابية الشفائية! حسب آخر إحصاءاتهم لآخر طريقة نفسية علاجية طلعوا بها وهي معالجة عصاب الخوف من الأشياء بمواجهة المريض تدريجيا بما يخيفه ، فكل هذه الوسائل العلاجية هي وقتية ، إذ لا يشفي من عقدة خوف الموت وخوف القبر إلا الإيمان اليقيني بوجود حياة أفضل للمؤمن وأن الله هو ولي المؤمنين في حياتهم ومماتهم وما بعد مماتهم. وهو كما وعد لا يخلف وعده ، وكيف يمكن لقلب مؤمن أن يخاف من الموت وعقده وقد عقل معنى الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة المتعلقة بمعاني الموت وما ذا يحصل عند الموت وبعده (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا