نفسه من عقدها ، وكل ما نحاوله من خلال كتاباتنا في مواضيع «بين القرآن الكريم والعلم» هو أن نقدم لعقل الإنسان المفكر البرهان الذي لا جدال فيه بأن القرآن الكريم هو من وجهة علمية وعقلانية ومنطقية بحتة كلام الله الذي لا ريب فيه ، لذلك يجب أن يقتنع ويلتزم بكل ما جاء فيه ، وليس ببعضه ، إذ لا يعقل أن يقول الإنسان صدق الله العظيم وهو يرى اليوم كيف يؤيد العلم مضامين ما أنبأت به مئات الآيات الكريمة في العلوم المادية ويطرح بقية الآيات التي ذكرناها أعلاه ولا يعتقد بها ، ومن يفعل ذلك فهو مصاب بازدواجية المنطق والتفكير ، والحوار مع من هو مصاب بازدواجية المنطق والتفكير ، أي منفصم الشخصية ، مضيعة للوقت.
لقد أعطى الإسلام بصورة علمية وواقعية عملية من خلال القرآن الكريم والحديث والسيرة الشريفة الحل العقلي المنطقي ، لكل العقد النفسية وفي طليعتها عقدة الموت كما أثبت الواقع التاريخي ذلك ، إذ لو لا شفاء الإنسان المسلم المؤمن من عقدة الموت وبقية عقده ، لما استطاع المسلمون في خلال عشرات السنين أن يقوّضوا أركان الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية ويصلوا بفتوحاتهم إلى السند شرقا وفرنسا غربا. وهي فتوحات قامت على أساس التعاليم السماوية التي جاء بها الإسلام ، وليس السيف كما يدعي المغرضون ، فالتاريخ لم يعرف فاتحا أرحم من المسلمين كما قال المنصفون من المؤرخين الغربيين.
ولن تقوم قائمة لهذه الأمة المسلمة ، أمة المليار فرد من حملة الهوية الإسلامية وهي اليوم في عداد الأمم المتأخرة ، وقد تداعت عليها الأمم «تداعي الأكلة إلى قصعتها» إلا عند ما ننشئ الإنسان المسلم من جديد ، تنشئة إسلامية منهجية علمية صحيحة ، فنمحو بذلك عقدة الموت ، وبقية العقد منه ونسمو به إلى عقيدة حب الجهاد ، وهي النقيض لعقدة الموت ، ولا يصل إلى هذه المرتبة إلا كل موقن بقوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي