بالآية الكريمة التالية الجامعة : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ، أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة : ١٧٧).
وكل باحث في آيات الله يجب أن يجمع إلى جانب تقوى الله : العلم ، ونعني بذلك : العلوم القرآنية ، إلى جانب حقل من العلوم الوضعية ، كي لا يقع في ما حذرت منه الآية التالية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَلا هُدىً ، وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ). فالمولى عزّ وعلا لا يقبل شهادة على وحدانيته وقسطه إلا من نفسه أولا والملائكة ثانيا وأولي العلم ثالثا (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران : ١٨).
القاعدة القرآنية الثانية : قاعدة المثاني : كتاب المولى الكريم يفسر بعضه بعضا ، استنادا إلى قوله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) (القرآن الكريم) (كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ، ذلِكَ هُدَى اللهِ ، يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (الزمر : ٢٣).
فلكل آية من آيات الله ، آية أو آيات أخرى هي «مثانيها» تفسرها وتكمل معانيها بعضها بعضا ، من الواجب التفتيش عنها ووضعها جنبا إلى جنب إذا كنا نريد أن نفهم شيئا من معاني الآيات والكلمات في القرآن الكريم. ذلك أن للكلمة في كتاب الله معاني عدة ، يجب التفتيش عنها من خلال آيات المثاني ، فالقرآن الكريم هو أولا وأخيرا الذي يعطي المفردات معانيها المختلفة وليست معاجم اللغة فقط ، وهو الذي يغني اللغة العربية بمعاني