والحيوان والنبات بحاجة للحنان والرعاية المادية والنفسية ، وليس الإنسان وحده ، وهذا شيء يعرفه أكثر المطلعين على حياة الحيوان والنبات. وفقدان المحبة عند الإنسان خاصة منذ ولادته وحتى انتهاء المراهقة ، غالبا ما يتحول إلى عقدة ، أو عقبة الحرمان العاطفي التي تنعكس سلبا على مشاعر الإنسان وتصرفاته حيال نفسه والآخرين. ومن مظاهرها الانطواء والخجل والتردد والقلق والكآبة النفسية والشراسة والميل إلى إيذاء الغير والذات. من هنا نفهم كثرة الآيات والأحاديث الشريفة التي تأمر بالمحبة والعطف والحنان قولا وعملا كي تجنب النفوس ، خاصة التي فقدت أحد مصادر الحنان الرئيسية : الوالدين ، خطر الانزلاق في عقد الحرمان العاطفي وسلبياتها المضرة فردا وجماعات :
(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ). (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ). (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً). (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) (إبراهيم : ٢٤ ـ ٢٥).
لا بل إن الإسلام شرّع بأنه ليس من الدين على شيء ، كل إنسان قادر لا يساعد غيره من أن يتردى في مهاوي عقد الحرمان العاطفي أو المادي :
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (الماعون : ١ ـ ٣) .. والأحاديث في الحض على المحبة كثيرة جدّا نكتفي ببعضها :
«والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا» (رواه مسلم).
«من لا يرحم الناس لا يرحمهالله» (متفق عليه).
«لا تنزع الرحمة إلا من شقي» (أبو داود).
«من يحرم الرّفق يحرم الخير كله» (رواه مسلم).