رأسهم الرسول الكريم والصحابة والصالحون من الأقدمين والمحدثين استطاعوا أن يتفادوا عقد الحرمان والحرص ، بل ويتساموا بغريزة حب التملك إلى فضيلة حب البذل والسخاء والعطاء حتى الإيثار على أنفسهم : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) ولو التزم الناس بتعاليم الإسلام ما بقي بينهم فقير أو جائع.
٣ ـ عقد النقص أو الشعور بالانسحاق والخوف من الغير :
وقد رمزت إليها الآية الكريمة التالية : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) إن الشعور بالنقص والضعف هو إحساس طبيعي عند كل مخلوق حي. وعلى الإنسان أن يتخلص تدريجيّا من هذا الإحساس مع اكتمال قواه الجسدية والعقلية والشعورية في نهاية المراهقة والدخول في مرحلة الرجولة والإنتاج ، شرط أن تيسّر له تربية بيتية صالحة ، ومجتمع عادل لا مكان للظلم فيه. فعقد النقص تتلازم في أكثر الحالات مع عقد الحرمان المادي والعاطفي أو العاهات والتشوهات الخلقية والمكتسبة ، أو التربية البيتية والاجتماعية الخاطئة ، أو هذه الأسباب مجتمعة ، ومن مظاهر عقد النقص الانعزالية والهرب والخوف من الغير ، والقلق الشديد أمام كل شيء جديد والشراسة وحب الإيذاء للذات والغير.
ولقد لاحظنا أن التربية البيتية المرتكزة إلى قواعد الإيمان الصحيح المستمد من كتاب الله والحديث الشريف وسنة الرسول الكريم ، هي الأساس في تكوين الشخصية المتزنة للأطفال والأولاد. فاستئصال بذور الشعور بالنقص أمام الفوارق الاجتماعية والجسدية لا يكون إلا إذا اعتقد الإنسان بتعاليم السماء الحقة وهناك عشرات الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تساعد الإنسان على التخلص من عقد النقص شرط أن يعقل تعاليم الله ويلتزم بها (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ). (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ). (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ