يحتاج إلى قصد الإطاعة فالظاهر ـ أيضا ـ تحقق الإطاعة إذا قصد الإتيان بشيئين يقطع بكون أحدهما المأمور به.
ودعوى : «أنّ العلم بكون المأتيّ به مقرّبا معتبر حين الإتيان به ولا يكفي العلم بعده بإتيانه» ممنوعة ، إذ لا شاهد لها بعد تحقّق الإطاعة بغير ذلك أيضا ، فيجوز لمن تمكّن
____________________________________
فللقول بعدم جواز الاحتياط وجوه يمكن أن يستدل بها على منع العمل بالاحتياط ، وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى بعضها :
أحدها : إن الاحتياط فيما يحتاج إلى تكرار العبادة لعب بأمر المولى فالمحتاط بتكرار العبادة يعدّ لاعبا بأمر المولى عند العقلاء مع وجود الطريق إليها ، ففيه :
أوّلا : إن هذا الوجه والدليل أخصّ من المدّعى لأنّه يختصّ بصورة كونه مستلزما للتكرار.
وثانيا : إن التكرار مطلقا لا يكون لعبا بأمر المولى بل التكرار الكثير يكون لعبا بأمر المولى كالصلاة إلى أكثر من أربع جهات في اشتباه القبلة.
وثالثا : ليس فيه أي إشكال بعد استقلال العقل بحصول الإطاعة بالامتثال الإجمالي.
وثانيها : ما دل على اعتبار قصد الوجه في العبادات أو معرفته فيجب على المكلّف أن يقصد الوجوب في الواجبات والندب في المندوبات ، وأن يميز الواجب عن غيره ، وفي الاكتفاء بالاحتياط إلغاء لهما حتى فيما لا يتوقّف الاحتياط على التكرار ، فلا يجوز الاحتياط لأنّه مفوّت لقصد الوجه والتمييز ، وفيه :
أوّلا : لم يدل أي دليل على اعتبار قصد الوجه.
وثانيا : لو فرضنا وسلّمنا دلالة الدليل على اعتباره لا يمنع من الاحتياط لأنّ المكلّف يتمكّن من قصد وجوب أحد الفعلين.
وثالثها : ثبوت الإجماع والاتّفاق على عدم جواز الاحتياط فيما إذا توقّف على التكرار ، كما يشير إليه المصنّف رحمهالله ، وفيه : إنه لم يثبت ولو سلّم لا يكون معتبرا ، إذ لا دليل على اعتباره في المقام.
ورابعها : إنّ للإطاعة مراتب طولية عند العقل ، ولا يجوز الاكتفاء بالمرتبة النازلة إلّا بعد عدم تمكّن المكلّف من المرتبة العالية ، فمرتبة الإطاعة بالامتثال الإجمالي متأخّرة عند