الواقع أولا بظنه المعتبر من التقليد ، أو الاجتهاد بأعمال الظنون الخاصّة أو المطلقة وإتيان الواجب مع نيّة الوجه ، ثم الإتيان بالمحتمل الآخر بقصد القربة من جهة الاحتياط.
وتوهّم : «أنّ هذا قد يخالف الاحتياط من جهة احتمال كون الواجب ما اتي به بقصد القربة ، فيكون قد أخلّ فيه بنيّة الوجوب» مدفوع بأنّ هذا المقدار من المخالفة للاحتياط ممّا لا بدّ منه ، إذ لو اتي به بنيّة الوجوب كان فاسدا قطعا ، لعدم وجوبه ظاهرا على المكلّف بعد فرض الإتيان بما وجب عليه في ظنه المعتبر.
وإن شئت قلت : إنّ نية الوجه ساقطة فيما يؤتى به من باب الاحتياط إجماعا ، حتى من القائلين باعتبار نيّة الوجه ، لأنّ لازم قولهم باعتبار نية الوجه في مقام الاحتياط عدم مشروعية الاحتياط وكونه لغوا ، ولا أظن أحدا يلتزم بذلك ، عدا السيد أبي المكارم في ظاهر كلامه في الغنية في ردّ الاستدلال على كون الأمر للوجوب بأنّه أحوط ، وسيأتي ذكره عند الكلام على الاحتياط في طيّ مقدمات دليل الانسداد.
____________________________________
(لا يجوز ترك الاحتياط ... إلى آخره).
يقول المصنّف رحمهالله : في المقام ينبغي للمكلّف أن يحتاط بالاحتياط التام ، وهو أن يعمل بالظن أولا ، فيأتي بالمظنون مع نية الوجه والتمييز ، ثم يأتي بالمحتمل الآخر برجاء إدراك الواقع ، ولا يكون هذا الاحتياط على خلاف الاحتياط.
(وتوهّم «أنّ هذا).
وتقريب التوهّم : إنّ هذا الاحتياط التام ـ أيضا ـ يكون على خلاف الاحتياط لأنّ المكلّف قد أخلّ بقصد الوجه في إتيان المحتمل الآخر ، ولم يأت به بنيّة الوجوب مع احتمال كونه واجبا في الواقع.
ثم يقول : هذا التوهم (مدفوع ، بأنّ هذا المقدار من المخالفة للاحتياط ممّا لا بدّ منه ، إذ لو اتي به بنية الوجوب كان فاسدا قطعا) لأنه مستلزم للتشريع ، إذ وظيفة المكلّف هو وجوب العمل بالظن الحاصل من الاجتهاد أو التقليد.
(ولا أظن أحدا يلتزم بذلك) أي : بعدم مشروعية الاحتياط ، (عدا السيد أبي المكارم).
وحاصل الاستدلال على كون الأمر للوجوب أنه يشمل الاستحباب من حيث الطلب والثواب والمصلحة ، وغيرها مع زيادة.