ومنها : حكم بعض بجواز ارتكاب كلا المشتبهين فى الشبهة المحصورة دفعة أو تدريجا ، فإنه قد يؤدّي إلى العلم التفصيلي بالحرمة أو النجاسة ، كما لو اشترى بالمشتبهين بالميتة جارية ، فإنّا نعلم تفصيلا بطلان البيع في تمام الجارية لكون بعض ثمنها ميتة ، فنعلم
____________________________________
التفصيلي بعدم التخيير واقعا ، وكان هذا العلم التفصيلي متولّدا من العلم الإجمالي بأن الحكم في الواقع إمّا الوجوب أو الحرمة ، فلازم القول بالتخيير الواقعي هو عدم اعتبار هذا العلم المتولّد من العلم الإجمالي ، فيقع الكلام فيما يستفاد من كلام الشيخ رحمهالله القائل بالتخيير ، قال المصنف رحمهالله : إن كلامه ظاهر في التخيير الواقعي ، وذلك لوجهين :
الوجه الأول : كما في الأوثق هو عدم معهودية انقسام الحكم إلى الواقعي والظاهري في كلمات القدماء ، بل هذا الانقسام حدث عند المتأخرين. فعلى هذا إذا ذكر الحكم مطلقا ولو كان هو التخيير يكون المراد منه حكما واقعيا.
الوجه الثاني : إن الشيخ قال بعد الحكم بالتخيير : إنه لا يجوز اتفاقهم بعد اختلافهم لأنّهم مخيّرون ، فلو كان مراده من التخيير ظاهريا لم يكن هناك مانع من الاتفاق بعد الاختلاف ، إذ الاختلاف يمكن أن يرفع بكشف الواقع عند الجميع فيحصل الاتّفاق.
والحاصل أن لازم ظهور كلام الشيخ رحمهالله في التخيير الواقعي هو عدم اعتبار العلم التفصيلي المتولّد عن العلم الإجمالي.
ثم إن الفرق بين التخيير الواقعي والأصل المتقدم ذكره مع كون كلاهما مخالفا للقولين ومخالفا للواقع هو أن في الرجوع إلى الأصل مخالفة قطعية من حيث الالتزام ، وهذا بخلاف التخيير فيلزم من الأخذ به مخالفة احتمالية من حيث العمل والالتزام إن كان التخيير ابتدائيا ، ومخالفة قطعية من حيث العمل والالتزام إن كان استمراريا. بمعنى أن المكلّف يكون مخيّرا بين الفعل والترك دائما ، فيحصل له العلم بارتكاب ما هو محرم أو بترك ما هو واجب.
(ومنها : حكم بعض بجواز ارتكاب كلا المشتبهين في الشبهة المحصورة دفعة أو تدريجا ، فإنه قد يؤدّي إلى العلم التفصيلي بالحرمة أو النجاسة ... إلى آخره).
ويتضح ما ذكره المصنف رحمهالله من تأدّي ارتكاب أطراف الشبهة المحصورة إلى العلم التفصيلي بالحرمة أو النجاسة بذكر أمثلة ، فمثال ما يؤدي إلى العلم بالحرمة : فيما إذا