وبعد ذلك فنقول : أمّا المخالفة غير العملية ، فالظاهر جوازها في الشبهة الموضوعية والحكمية معا ، سواء كان الاشتباه والترديد بين حكمين لموضوع واحد كالمثالين المتقدمين. أو بين حكمين لموضوعين ، كطهارة البدن وبقاء الحدث لمن توضّأ غفلة بمائع مردّد بين الماء والبول.
____________________________________
فالمثال في قوله : كالالتزام بإباحة موضوع كلّي كدفن الكافر المردّد بين الوجوب والحرمة لأجل ورود الأمر فيه المردّد بين الإيجاب والتهديد ، مثال فرضي لا واقعي ، إذ لا تنحصر المخالفة فيه بالالتزام ، بل يمكن للمكلّف أن يدفن كافرا ثم ترك دفن كافر آخر حتى تتحقّق المخالفة العملية أيضا.
فنقول : (أمّا المخالفة غير العملية فالظاهر جوازها في الشبهة الموضوعية والحكمية معا).
وذلك لأن كل شيء لا يحتاج في وجوده وثبوته إلى أزيد من أمرين : الأول : وجود المقتضي ، والثاني : عدم المانع ، وكلاهما في المقام موجود ، وأمّا المقتضي فهو أدلة البراءة ، نحو قوله عليهالسلام : (كل شيء مطلق حتى يرد أمر أو نهي) (١).
وأمّا عدم المانع فلما يأتي من أن العلم الإجمالي لا يصلح أن يكون مانعا. وهذا الوجه مشترك بين الشبهة الموضوعية والحكمية ، بخلاف ما يأتي من المصنّف رحمهالله حيث قال : فإن الأصل ... إلى آخره ، فإنّه يكون مختصّا بالشبهة الموضوعية.
(أو بين حكمين لموضوعين ، كطهارة البدن وبقاء الحدث لمن توضّأ غفلة بمائع مردّد بين الماء والبول).
وتقييد التوضّؤ بالغفلة ليتمكّن المكلّف من قصد القربة في الوضوء ، إذ المكلّف مع التفاته بكون المائع مردّدا بين الماء والبول لا يتأتّى منه قصد القربة ، لأنه يعلم ـ حينئذ ـ بالمنع عن التوضّؤ شرعا ، فكيف يقصد التقرّب بما هو الممنوع شرعا؟ فيكون الوضوء باطلا.
وتقريب الحكمين للموضوعين هو أن هنا أحكاما متضادة لموضوعين :
أحدها : النجاسة المضادة للطهارة عنها.
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٣ : ٤٦٢ / ١. الوسائل ٦ : ٢٨٩ ، ابواب القنوت ، ب ١٩ ، ح ٣.