ومن هنا يعلم أنّ إطلاق الحجّة عليه ليس كإطلاق الحجّة على الأمارات المعتبرة
____________________________________
عن ارتكاب هذا المائع ، فلو قال الشارع : لا تعمل بهذا القطع والعلم ، يرجع هذا القول منه إلى الإذن في ارتكاب الخمر بنظر القاطع ، وهو التناقض.
ومنها : عدم معقولية تكليف القاطع بخلاف قطعه لعدم احتماله خلاف ما قطع به ، فتكليفه به تكليف بما لا يطاق.
(ومن هنا يعلم أنّ إطلاق الحجّة عليه ليس كإطلاق الحجّة على الأمارات المعتبرة شرعا).
يعني : ممّا ذكرنا من عدم كون حجّية القطع بجعل من الشارع يعلم أنّ إطلاق الحجّة على القطع ليس كإطلاق الحجّة على الأمارات ، إذ ما يطلق على الأمارات هو الحجّة بما هو عند الاصولي ولا يطلق على القطع الحجّة بما هو عند الاصولي ، ولا يطلق عليه ـ أيضا ـ الحجّة بما هو عند المنطقي.
فيأتي هذا السؤال : لما ذا لا يطلق عليه الحجّة بما هو عند الاصولي ، ولا بما هو عند المنطقي؟
والجواب يحتاج إلى بيان معنى الحجّة عند الاصولي والمنطقي ، والفرق بينهما ، فنقول : إنّ الحجّة عند المنطقي هي : الأوسط الذي يوجب العلم بثبوت الأكبر للأصغر في شكل من الأشكال ، فيكون الأوسط واسطة في الإثبات دائما ، ومع ذلك قد يكون واسطة في الثبوت أيضا ، فيسمّى بالبرهان اللّمي.
والحاصل أنّه لا بدّ للأوسط أن تكون له علاقة بالأكبر الذي هو محمول النتيجة ، ثم تلك العلاقة ؛ إمّا علاقة العليّة ، أي : يكون الأوسط علّة للأكبر ؛ أو المعلولية بأن يكون معلولا له ؛ أو هما معلولان لعلّة ثالثة ، وعلى الأخيرين يسمّى القياس بالبرهان الإنّي ، هذا هو معنى الحجّة عند المنطقي.
وأمّا الحجّة عند الاصولي فهي : الوسط الذي يوجب العلم بثبوت الحكم لمتعلّقه ، أو يقال : إنّه يوجب العلم بثبوت الأكبر للأصغر ، والمراد من الأكبر هو الحكم ، والمراد بالأصغر هو المتعلّق.
ومن هنا يظهر الفرق بين الحجّة عند الاصولي ، والحجّة عند المنطقي من حيث الأكبر