الثاني : أن العمل به موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال ، إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيته حراما ، وبالعكس».
____________________________________
(الثاني : أن العمل به موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال ، إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيته حراما ، وبالعكس).
يعني : الوجه الثاني الذي استدلّ به ابن قبة على عدم جواز التعبّد بالظن هو أن التعبّد به بمعنى كونه حجّة شرعا موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال ، فيكون العمل بالظن مستلزما للمحال ، وهو اجتماع النقيضين أو الضدين ، ويلزم اجتماع النقيضين فيما إذا قام الظن على عدم الحرمة أو عدم الوجوب ، وكان الحكم في الواقع حراما أو واجبا.
ويلزم الثاني وهو اجتماع الضدين فيما إذا قام الظن على الحرمة وكان في الواقع واجبا.
هذا هو لزوم اجتماع الضدين الناشئ من خطاب الشارع. بمعنى أن يكون مضمون الخطاب المتوجّه إلى المكلّف هو الحرمة ، وكان الحكم في الواقع هو الوجوب ، وقد يكون محذور اجتماع الضدين أو النقيضين راجعا إلى ملاك الحكم ، وذلك فيما إذا قام الظن على عدم الوجوب وكان الحكم في الواقع هو الوجوب فيكون مقتضى الظن عدم ثبوت المصلحة الملزمة ، ومقتضى الوجوب الواقعي هو ثبوت المصلحة الملزمة ، وليس هذا إلّا اجتماع النقيضين ، وقس عليه ما إذا قام الظن على عدم الحرمة وكان الحكم في الواقع حراما.
ويلزم اجتماع الضدين فيما إذا قام الظن على الحرمة وكان الحكم في الواقع واجبا فيلزم اجتماع المفسدة والمصلحة ، وهو واضح ، وقد يلزم اجتماع المثلين ، وهو فيما إذا كان الظن مطابقا للواقع.
فالمتحصّل من الجميع هو عدم إمكان التعبّد بالظن ، لأنّه مستلزم لهذه المحاذير ، وعبّر ابن قبة عنها بتحليل الحرام ، وتحريم الحلال.
ثم المحاذير الناشئة عن الخطاب مبنيّة على جعل المؤدّى في باب جعل الطرق والأمارات ، وسيأتي الكلام فيه مفصلا.
وأمّا المحاذير الراجعة إلى الملاك فهي مبنية على تبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد ، كتبعية المعلول للعلّة كما يقول به العدلية.