أحدها : كون الشارع العالم بالغيب عالما بدوام موافقة هذه الأمارات للواقع وإن لم يعلم بذلك المكلّف.
الثاني : كونها في نظر الشارع غالب المطابقة.
الثالث : كونها في نظره أغلب مطابقة من العلوم الحاصلة للمكلّف بالواقع ، لكون أكثرها في نظر الشارع جهلا مركّبا ، والوجه الأول والثالث يوجبان الأمر بسلوك الأمارة ولو مع تمكّن المكلّف من الأسباب المفيدة للقطع ، والثاني لا يصحّ الّا مع تعذر باب العلم ، لأنّ تفويت الواقع على المكلّف ولو في النادر من دون تداركه بشيء قبيح.
____________________________________
ثم هذه الصور يمكن فرضها تارة مع الانسداد ، واخرى مع الانفتاح فنتيجة ضرب اثني عشر في الاثنين هي أربعة وعشرون ، فالصور المتصوّرة في حال الانسداد هي : اثنا عشر ، وحكم الجميع جواز التعبّد بالأمارة ، وحكم صور الانفتاح ذكر مفصّلا في الجداول المذكورة.
ثم المصنّف رحمهالله لم يذكر جميع هذه الصور ، بل ذكر ما هو المهمّ منها حيث قال : (أحدها : كون الشارع العالم بالغيب عالما بدوام موافقة هذه الأمارات للواقع وإن لم يعلم بذلك المكلّف) أي : لا يعلم المكلف بدوام موافقة الأمارات للواقع.
والحاصل أن المصنّف رحمهالله يذكر ثلاثة أقسام من أربعة وعشرين قسما :
الأول : أن تكون الأمارة دائم المطابقة عند الشارع العالم بالغيب ، والقطع لم يكن كذلك.
والثاني : أن تكون غالب المطابقة ، وكان القطع دائم المطابقة أو أغلب المطابقة.
والثالث : أن تكون أغلب المطابقة ، فلا بدّ أن يكون القطع غالب المطابقة لتوقّف الأغلب على الغالب بحسب المعنى التفضيلي.
ثم الحكم في الأول والثالث هو وجوب التعبّد بالأمارة ؛ إذ العمل بالقطع يوجب تفويت الواقع ، فيجب العمل بالأمارة لكونها دائم المطابقة كما هو مقتضى القسم الأول ، أو أغلب المطابقة كما هو مقتضى القسم الثالث ، ثم الحكم في القسم الثاني هو عدم التعبّد بالأمارة ؛ لأنّ العمل بها مستلزم لتفويت الواقع ، وتفويت الواقع من دون تداركه بشيء قبيح. نعم ، يجوز التعبّد بها في فرض الانسداد.