وبالجملة فالقطع قد يكون طريقا للحكم ، وقد يكون مأخوذا في موضوع الحكم.
____________________________________
المعلوم ـ لا الخمر وحده ، كما فسّرنا المشار إليه بقولنا : فهذا ـ أي : معلوم الخمرية ـ يجب الاجتناب عنه.
ومن هنا ظهر وجه ما ذكرناه من أنّ إطلاق الحجّة على الظن على نحو الحقيقة ، وعلى القطع الموضوعي على نحو المسامحة.
فظهر مما ذكرناه أنّ القطع على قسمين : أحدهما : طريقي ، وثانيهما : موضوعي ، وسمّي الثاني بالموضوعي لكونه مأخوذا في موضوع الحكم.
(وبالجملة فالقطع قد يكون طريقا للحكم ، وقد يكون مأخوذا في موضوع الحكم) والأول يسمى بالقطع الطريقي ، والثاني بالموضوعي.
فالمصنف قدسسره قد أشار إلى تقسيم القطع إلى الطريقي والموضوعي أولا ، وإلى الفرق بينهما ثانيا ، فلا بدّ لنا أن نبيّن أقسام القطع الموضوعي قبل بيان الفرق بينه وبين الطريقي المحض ، فنقول :
إن القطع الموضوعي يكون على أربعة أقسام ، وذلك لأنّ القطع يكون من الأوصاف ذات الإضافة ، وليس صفة محضة كالعدالة والشجاعة ، بل فيه جهتان : جهة أنّه صفة من أوصاف النفس ، وجهة أنّه كاشف عن الواقع المقطوع حكما أو موضوعا.
وحينئذ إذا اخذ في موضوع حكم من الأحكام ، فقد يؤخذ من الجهة الاولى فيسمّى بالقطع المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية ، وقد يؤخذ من الجهة الثانية فيسمّى بالمأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية ، وعلى كلا التقديرين يمكن أن يكون تمام الموضوع أو جزءه ، فتصبح الأقسام أربعة ، ثم الفرق بينها يتلخّص في جهتين :
الاولى : الفرق بين ما يؤخذ على نحو الصفتية ، وما يؤخذ على وجه الطريقية.
والثانية : الفرق بين ما يؤخذ تمام الموضوع وما يؤخذ جزء له.
وأمّا الفرق من الجهة الاولى فواضح ، إذ معنى أخذ القطع بعنوان الصفتية أنّه اخذ في الموضوع باعتبار وجوده الخاص الذي هو من مقولة الكيف النفساني ، ومعنى أخذه بعنوان الطريقية أنّه اخذ فيه باعتبار كونه طريقا إلى ما تعلّق به وكاشفا عنه ، ولهذا سمّي بالقطع المأخوذ في الموضوع على نحو الطريقية.