التعبّد بالظن ، الذي لم يدل دليل على التعبّد به محرّم بالأدلة الأربعة.
ويكفي من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١) ، دلّ على أن ما ليس بإذن من الله من اسناد الحكم إلى الشارع فهو افتراء.
____________________________________
شرب الخمر أو عرضيا من جهة لزوم التشريع؟
يظهر من بعض أنّ العمل بالظن محرّم ذاتا بالآيات الناهية والروايات كذلك ، والمشهور يقولون بالحرمة التشريعية ، والظاهر من المصنّف رحمهالله ـ أيضا ـ هو الحرمة التشريعية.
ثم اختلف الأصحاب في تفسير التشريع المحرّم ، وعند المشهور هو : إدخال ما لم يعلم أنه من الدين في الدين بقصد أنّه منه سواء علم بأنه ليس منه ، أو ظن بأنّه ليس منه ، أو ظن بأنّه منه ، أو شك في ذلك ، فإسناد ما لم يعلم أنّه من الشارع إليه تشريع محرّم ، وعلى هذا يكون العمل بما لم يدل دليل على اعتباره تشريعا ، إذا التزم المكلّف بأن ما دلّ عليه دليل غير معتبر من الشارع ومن الدين.
والحاصل أن التعبّد بالظن تشريع محرم بالأدلة الأربعة ، ويدل على ذلك :
من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) ووردت هذه الآية الشريفة في ذمّ اليهود وتوبيخهم لأنّهم حرّموا بعض ما أحل الله.
وتقريب الاستدلال بها : أنّ الافتراء ليس في الآية بمعنى الكذب عن عمد ، بل هو يكون بالمعنى الأعمّ ، وهو إسناد الفعل أو القول إلى من لم يعلم أن هذا الفعل أو القول منه ، فإسنادهم الحكم بالحرمة إلى الله تعالى من دون إذن وبيان منه تعالى مع عدم علمهم بأنّه منه تعالى تشريع محرّم ، فمعنى الآية (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) يعني : ألكم دليل على تحريم ما تقولون بتحريمه (أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) أي : تنسبون الحكم بالحرمة اليه تعالى من دون دليل منه تعالى عليها ، وهو تشريع.
ولا يخفى عليك أن المدّعى هو عدم حجّية الظن ، والدليل يدل على حرمة العمل به ، فلا يناسب الدليل مع المدّعى ، إذ المدّعى هو حكم وضعي ، والدليل يدل على حكم تكليفي.
__________________
(١) يونس : ٥٩.