حكم الله في حقه ، فالعمل على ما يطابقه بلا استناد إليه ليس عملا به ، فصحّ أن يقال : إنّ العمل بالظن والتعبّد به حرام مطلقا ، وافق الاصول أو خالفها. غاية الأمر أنّه إذا خالف الاصول يستحق العقاب من جهتين : من جهة الالتزام والتشريع ، ومن جهة طرح الأصل المأمور بالعمل به حتى يعلم بخلافه ، وقد اشير في الكتاب والسنّة إلى الجهتين.
فممّا اشير فيه إلى الاولى قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١) ، بالتقريب المتقدّم ، وقوله صلىاللهعليهوآله : (رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم) (٢).
وممّا اشير فيه إلى الثانية قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٣) ،
____________________________________
يقول المصنّف رحمهالله : إنّ العمل به على وجه الاحتياط ، أو الاشتهاء لا يسمّى عملا بالظن ، بل يقال عليه العمل به من باب التسامح ، فالعمل به حقيقة هو أن يكون على وجه التعبّد والاستناد إليه ، وعلى هذا يصح أن يقال : (إنّ العمل بالظن والتعبّد به حرام مطلقا) إذ إطلاق العمل به يختصّ فيما إذا كان العمل به على وجه التعبّد به ، وهو حرام مطلقا ، سواء كان موافقا للاصول ، أو مخالفا لها. غاية الأمر إذا كان مخالفا لها يكون المكلّف مستحقا للعقاب من جهتين : جهة التشريع ، وجهة طرح الاصول والأدلة.
(وقد اشير في الكتاب والسنّة إلى الجهتين).
وما اشير به إلى الجهة الاولى ، أي : الحرمة التشريعية قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(٤).
وقد تقدّم تقريب هذه الآية على الحرمة التشريعية ، وكذا تقدّم تقريب الحديث الراجع إلى القضاة.
وممّا اشير فيه إلى الثانية قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).
أي : إنّ ما يكون في الحق هو العلم والاصول والأدلة المعتبرة شرعا ، بينما الظن لا يقوم مقام ما هو حق ، فإذا كان العمل به موجبا لطرح الحق كان محرّما قطعا ، فالآية تدل
__________________
(١) يونس : ٥٩.
(٢) الوسائل ٢٧ : ٢٢ ، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به ، ب ٤ ، ح ٦.
(٣) يونس : ٣٦.
(٤) يونس : ٥٩.