أمّا القسم الاوّل : وهو ما يعمل لتشخيص مراد المتكلّم فاعتباره في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، لأنّ المفروض كون تلك الامور معتبرة عند أهل اللسان في محاوراتهم المقصود بها التفهيم.
ومن المعلوم بديهة أنّ طريق محاورات الشارع في تفهيم مقاصده للمخاطبين لم يكن طريقا مخترعا مغايرا لطريق محاورات أهل اللسان في تفهيم مقاصدهم وإنّما الخلاف والاشكال وقع في موضعين :
أحدهما : جواز العمل بظواهر الكتاب.
والثاني : إنّ العمل بالظواهر مطلقا في حقّ غير المخاطب بها قام الدليل عليه بالخصوص
____________________________________
الصعيد ظاهرا في وجه الأرض ، والبحث في القسم الأول يكون كبرويا بمعنى أنّ هذا الظاهر يكون مرادا للمتكلم إذا لم ينصب قرينة على خلافه.
ويمكن جعل هيئة الصغرى والكبرى بصورة الشكل الأول من القياسات المنطقية فنقول : هذا ظاهر ، وكل ظاهر مراد للمتكلم ، فهذا مراد للمتكلم.
و (وأمّا القسم الأول ... فاعتباره في الجملة) أي : على تقدير عدم الظن بالخلاف لا إشكال فيه.
(ومن المعلوم بديهة أن طريق محاورات الشارع في تفهيم مقاصده للمخاطبين لم يكن طريقا مخترعا مغايرا).
والمستفاد من عبارة المصنّف رحمهالله هذه هو كبرى كلّية ، وهي كل طريق لأهل اللسان لتشخيص مراد المتكلم هو طريق عند الشارع لتشخيص مراده من كلامه فنجعل ما هو طريق عند أهل اللسان صغرى للكبرى المذكورة ، فنقول : إنّ كلّ ما يعمل لتشخيص مراد المتكلّم من أصالة عدم القرينة ، أو أصالة الظهور طريق عند أهل اللسان ، وكل ما هو طريق عندهم طريق عند الشارع لتشخيص مراده من كلامه ، فينتج أنّ ما يعمل لتشخيص مراد المتكلم طريق عند الشارع لإثبات مراده من كلامه ، فإذا ثبت ظهور كلامه في شيء ثبت كونه مرادا له إذا لم يكن هناك قرينة على خلاف الظاهر.
(وإنّما الخلاف والإشكال وقع في موضعين : أحدهما : جواز العمل بظواهر الكتاب ، والثاني : إن العمل بالظواهر مطلقا).