التفصيل الأول
أمّا الكلام في الخلاف الأول : فتفصيله أنّه ذهب جماعة من الأخباريين إلى المنع عن العمل بظواهر الكتاب من دون ما يرد التفسير وكشف المراد عن الحجج المعصومين صلوات الله عليهم.
وأقوى ما يتمسك لهم على ذلك وجهان :
____________________________________
(أمّا الكلام في الخلاف الأول).
يعني : جواز العمل بظواهر الكتاب ، وإثبات كونها مرادة عن طريق أصالة عدم القرينة على خلافها ، كما يقول به الاصوليون ، أو عدم جواز العمل بها ، كما ذهب إليه الأخباريون ، فمعنى منعهم عن العمل بظواهر الكتاب هو عدم حجّية أصالة عدم القرينة ، لإحراز كون ظواهره مرادة.
ثم قبل تفصيل البحث لا بدّ أن نتعرف على مرادهم من عدم جواز العمل بظواهر الكتاب ، وهل مرادهم من ذلك أنّ للقرآن ظواهر ، كما يظهر من تعبيرهم بمنع العمل بظواهر القرآن ، إذ هذا التعبير ظاهر في أنّ للقرآن ظواهر ولكنهم يمنعون من التمسّك بها ، أو أنّ مرادهم من ذلك هو عدم وجود الظواهر للقرآن؟ بل يكون كلّه مجملا ، ولغزا ومعمّى بين الحبيب والمحبوب كما يظهر من دليلهم بل صرح به بعضهم ، وهو السيد الجزائري حيث قال ـ في منبع الحياة ـ
إنّ جميع آيات القرآن متشابهة بالنسبة إلينا ، فلا يجوز أخذ شيء منها ، ولا الاستدلال بها الّا ببيان أهل الذكر عليهمالسلام.
ونقل القول بعدم جواز العمل والاستدلال بالقرآن عن المحدّث الأسترآبادي ـ في فوائده المدنية ـ محتجّا بأنّ آيات القرآن قد جاءت على وجه التعمية والألغاز ، فلا يجوز التمسك بشيء منها الّا بتفسير أهل العصمة عليهمالسلام. فيكون الحاصل من كلامه هو عدم ظهور للقرآن ، وإنّما يحتاج العمل به إلى تفسير ، والتفسير لا يجوز الّا للمعصومين من النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة الطاهرين عليهمالسلام.
(وأقوى ما يتمسك لهم على ذلك وجهان ، أحدهما : الأخبار).