وفي رواية زيد الشحّام ، قال : دخل قتادة على أبي جعفر عليهالسلام ، فقال له : (أنت فقيه أهل البصرة؟) فقال : هكذا يزعمون ، فقال : (بلغني أنك تفسّر القرآن) قال : نعم ، إلى أن قال : (يا قتادة إن كنت قد فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة! إنّما يعرف القرآن من خوطب به) (١). إلى غير ذلك ممّا ادّعى في الوسائل ـ في كتاب القضاء ـ تجاوزها عن حد التواتر.
وحاصل هذا الوجه يرجع إلى أنّ منع الشارع عن ذلك يكشف عن أنّ مقصود المتكلم ليس تفهيم مطالبه بنفس هذا الكلام ، فليس من قبيل المحاورات العرفية.
والجواب عن الاستدلال بها : إنّها لا تدلّ على المنع عن العمل بالظواهر الواضحة المعنى بعد الفحص عن نسخها وتخصيصها وإرادة خلاف ظاهرها في الأخبار ، إذ من المعلوم أنّ هذا لا يسمّى تفسيرا ، فإنّ أحدا من العقلاء إذا رأى في كتاب مولاه أنه أمره
____________________________________
الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(٢).
والجواب عن الأخبار : فمضافا إلى ما ذكره المصنّف رحمهالله مفصّلا فإنّ الكثيرة منها تدل على حجّية ظواهر القرآن ، حيث أفادت أنّ القرآن هو الميزان لتشخيص الحقّ من الباطل ، ففي بعض الأخبار(كلّ شرط يكون على خلاف كتاب الله فهو فاسد) (٣) ، (وكل رواية إذا كانت على خلاف القرآن فاطرحوها ، واضربوها على الجدار ، وما وافق كتاب الله فخذوه) (٤).
وهذا الجواب يأتي تفصيله عن المصنّف رحمهالله حيث قال : هذا كلّه مع معارضة ... ، فانتظر.
(والجواب عن الاستدلال بها : إنّها لا تدلّ على المنع عن العمل بالظواهر الواضحة المعنى).
وهذه الأخبار التي ذكرها المصنّف رحمهالله من قبل الأخباريين تكون على أربعة أقسام :
منها : ما دلّ على عدم جواز القول بغير علم ، وهو : (من قال في القرآن بغير علم ، فليتبوّأ مقعده
__________________
(١) نفس المصدر : ١٨٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٢٥.
(٢) آل عمران : ٧.
(٣) الوسائل ١٨ : ١٦ ، أبواب الخيار ب ٦ ، ح ٣.
(٤) بحار الأنوار ٢ : ٢٣٥ / ٢٠ ، بتفاوت. التهذيب ٧ : ٢٧٥ / ١١١٦٩. الوسائل ٢٠ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢٠ ، ح ٣.