والظاهر ـ ولو بحكم أصالة الإطلاق في باقي الروايات ـ أنّ المراد من تفسيرها له
____________________________________
وجوب القصر بمجرد قراءة آية القصر للمسافر ، فيجب عليه إعادة ما أتى به تماما في السفر ، فلازم هذا الحكم هو حجّية ظاهر القرآن ، وإلّا لا معنى لوجوب القصر بمجرد استماع آية القصر.
(وفي بعض الروايات : إن قرئت عليه وفسّرت له).
فيكون هذا الخبر دليلا على ما يقول به الأخباريون : من عدم جواز العمل بالظاهر من دون تفسير.
ثم من باب قاعدة حمل المطلق على المقيّد تحمل الأخبار الدالّة على جواز العمل بظواهر القرآن على هذا الخبر المقيّد بالتفسير ، فنتيجة الحمل كذلك هي عدم جواز العمل بالظواهر الّا بعد ورود التفسير ، هذا ملخّص التوهّم من جانب الأخباريين.
وقد أجاب المصنّف رحمهالله عن هذا التوهّم بقوله : (والظاهر ـ ولو بحكم أصالة الإطلاق).
وحاصل كلام المصنّف رحمهالله أنّ قاعدة حمل المطلق على المقيّد لا تجري في المقام ، وذلك لأنّ المقيّد يكون على قسمين : قسم منه يكون معينا ومنافيا للإطلاق ، فيجب حمل المطلق عليه ، وقسم ليس كذلك ، بل يكون المقيّد مردّدا بين المعنيين ، أحدهما يكون منافيا للإطلاق ، والآخر لا ينافي الإطلاق.
فمقتضى القاعدة هو رفع الاجمال عن المقيّد بحمله على معنى لا ينافي الإطلاق بأصالة الإطلاق ، فلا تجري قاعدة حمل المطلق على المقيّد في هذا القسم ، بل الأمر هو بالعكس ، أي : حمل المقيّد على معنى لا ينافي المطلق ، والمقام يكون من هذا القسم.
ومثال ذلك : قول المولى لعبده : جئني بالماء مطلقا ، ثم قال : جئني بالماء الفرات ، المردّد بين ما هو الغالب في العراق وهو نهر الفرات المعروف ، وكان المولى ساكنا بالكوفة مثلا ، وبين الماء الفرات المقابل للماء المالح طعما ، فيحمل المقيّد على معنى لا ينافي الإطلاق ، أي : الفرات الغالب المعروف في العراق.
وكذا في المقام يكون المقيّد وهو قوله : إن قرئت عليه وفسّرت له ، مردّدا بين المعنيين ، أحدهما لا ينافي الإطلاق وهو : فسّرت ، إن اريد بها خلاف الظاهر ، والآخر ينافي الإطلاق وهو : فسّرت ، وإن اريد بها ظاهرها ، فنتمسّك بالإطلاق ، ونرفع الإجمال عن المقيّد بحمله