مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ)(١).
ومن ذلك الاستشهاد لحلّية بعض الحيوانات بقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً)(٢) الآية ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.
الثاني من وجهي المنع : إنّا نعلم بطروّ التقييد والتخصيص والتجوّز في أكثر ظواهر الكتاب ، وذلك ممّا يسقطها عن الظهور ، وفيه :
أولا : النقض بظواهر السنّة ، فإنّا نقطع بطروّ مخالفة الظاهر في أكثرها.
____________________________________
تعالى : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ)).
والمستفاد من فعل الإمام حيث استشهد بهذه الآيات هو حجّية ظواهر القرآن إذ لو لم يكن القرآن صادرا للإفهام ، ولم يكن التمسّك به جائزا لم يكن وجه لتمسّك الإمام عليهالسلام بظاهر الآيات ، بل كان له بيان الحكم من دون الاستشهاد بالقرآن ، وهذا تمام الكلام في الوجه الأول الذي استدل به الأخباريون على عدم جواز العمل بظواهر الكتاب فيقع الكلام في الوجه الثاني.
وقد أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : (الثاني من وجهي المنع : إنّا نعلم بطروّ التقييد والتخصيص والتجوّز في أكثر ظواهر الكتاب ، وذلك ممّا يسقطها عن الظهور).
وحاصل هذا الوجه يتضح بعد ذكر مقدّمة ، وهي : إنّ الآيات المتشابهات ليست بحجّة قطعا كما في الخبر المتقدّم المرويّ عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال عليهالسلام في حديث طويل : (إنّما هلك الناس في المتشابه) (٣).
ثم المتشابه يكون على قسمين ، ومنه ما هو المتشابه بالذات وهو كون اللفظ مجملا حقيقة ، ومنه ما هو المتشابه بالعرض الحاصل بالعلم الإجمالي بطروّ التخصيص للعموم ، والتقييد للإطلاق فيسقط ظهور العام في العموم ، والمطلق في الإطلاق ، فيكون كل واحد منهما متشابها بالعرض ، فيسقط عن الحجّية كالمتشابه بالذات ، فلا يجوز العمل به.
إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول : إنّ المقام يكون من المتشابه بالعرض عند الأخباريين ،
__________________
(١) النحل : ٧٥.
(٢) الأنعام : ١٤٥.
(٣) الوسائل ٢٧ : ٢٠١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٦٢.