وتندفع هذه الشبهة : بأنّ المعلوم إجمالا هو وجود مخالفات كثيرة في الواقع فيما بأيدينا ، بحيث تظهر تفصيلا بعد الفحص ، وأمّا وجود مخالفات في الواقع زائدا على ذلك فغير معلوم ، فحينئذ لا يجوز العمل قبل الفحص ، لاحتمال وجود مخصّص يظهر بعد الفحص ، ولا يمكن نفيه بالأصل لأجل العلم الإجمالي. وأما بعد الفحص فاحتمال وجود المخصّص في الواقع ينفى بالأصل السالم عن العلم الإجمالي.
والحاصل : أنّ المنصف لا يجد فرقا بين ظاهر الكتاب والسنّة ، لا قبل الفحص ولا بعده ، ثم إنّك قد عرفت أنّ العمدة في منع الأخباريين من العمل بظواهر الكتاب هي الأخبار المانعة عن تفسير القرآن الّا أنه يظهر من كلام السيد الصدر شارح الوافية ، في آخر كلامه ، أنّ المنع عن العمل بظواهر الكتاب هو مقتضى الأصل ، والعمل بظواهر الأخبار خرج بالدليل ، حيث قال ـ بعد إثبات أنّ في القرآن محكمات وظواهر وأنّه ممّا لا يصحّ انكاره ، وينبغي النزاع في جواز العمل بالظواهر وأن الحقّ مع الأخباريين ـ ما خلاصته :
____________________________________
(وتندفع هذه الشبهة) وحاصل اندفاع الشبهة أن يقال :
إنّ العلم الإجمالي موجب للتوقّف والفحص قطعا ، وأنّ وجوب التوقّف باق ببقاء العلم الإجمالي حتما ، الّا أن العلم الإجمالي لا يبقى بعد الفحص حتى يجب التوقّف ، فالقول بوجوب التوقّف قبل الفحص وعدمه بعد الفحص صحيح جدا ، ولا إشكال فيه أصلا.
وذلك لأنّ المراد من وجود مخالفات في الواقع أي : في الأخبار التي وصلت إلينا ، الموجودة في الكتب الصحاح عندنا ، فيمكن تحصيل هذه المخصّصات ، والمقيّدات بالفحص ، فلا يبقى لنا علم إجمالي بوجود مخالفات في الأخبار.
نعم ، نشك في وجود مخصّصات ، ومقيّدات في الواقع زائدا على ما وجدنا ، فنجري الأصل ونحكم بعدمها بالأصل السالم عن العلم الإجمالي ، فالحاصل : أنّه لا يجوز العمل بالعمومات والظواهر قبل الفحص لاحتمال وجود المخصّصات والمخالفات بين الأخبار ، ولا مانع من العمل بها بعد الفحص.
(الّا أنّه يظهر من كلام السيد الصدر شارح الوافية في آخر كلامه ، أن المنع عن العمل بظواهر الكتاب هو مقتضى الأصل ، والعمل بظواهر الأخبار خرج بالدليل).
والمستفاد من كلام شارح الوافية كما يأتي تفصيله عن قريب هو المنع عن العمل