تنبيهات
وينبغي التنبيه على امور :
الأول : إنه ربّما يتوهّم بعض : «أن الخلاف في اعتبار ظواهر الكتاب قليل الجدوى ، إذ ليست آية متعلّقة بالفروع أو الاصول إلّا ورد في بيانها أو في الحكم الموافق لها خبر أو أخبار كثيرة ، بل انعقد الإجماع على أكثرها.
مع أن جلّ آيات الاصول والفروع ، بل كلّها ، ممّا تعلّق الحكم فيها بامور مجملة لا يمكن
____________________________________
(وينبغي التنبيه على امور : الأول : إنه ربّما يتوهّم بعض «أن الخلاف في اعتبار ظواهر الكتاب قليل الجدوى) والمتوهّم هو الفاضل النراقي.
والوجه في كون الخلاف في اعتبار ظواهر الكتاب قليل الفائدة يتّضح بعد ذكر مقدمة قصيرة ، وهي : إنّه لا بدّ في كل بحث ونزاع من ثمرة وفائدة ، وإلّا يكون النزاع لغوا وعبثا ، فلا يصدر عن عاقل فضلا عن العلماء الكاملين في العقل والعلم معا.
ولبيان التوهّم المذكور نقول : إن البحث عن حجّية الكتاب لا ثمرة فيه ، وذلك لوجهين :
الوجه الأول : عدم الحاجة إلى العمل بظواهر الكتاب ، إذ الآيات المتعلّقة بالقصص وأحوال الامم السابقين تكون خارجة عن محل النزاع ؛ لأن النزاع إنّما هو في الآيات المتعلّقة بالفروع ، وهذه الآيات ؛ إمّا فسّرت بالأخبار أو ثبتت الأحكام المستفادة منها بالأخبار والإجماع ، وعلى كلا التقديرين تكفينا الأخبار والإجماع من دون حاجة إلى التمسّك بالآيات لاستنباط الأحكام الفرعية منها.
وبالجملة ، لا حاجة لنا إلى الآيات المتعلّقة بالأحكام سواء كانت ظواهرها حجّة ، أو لم تكن كذلك ، فيكون الحاصل من البحث عن حجّية ظواهر القرآن لغوا ، ولا أثر لاعتبارها أو عدم اعتبارها ، إذ وجودها وعدمها سيّان بالنسبة إلى الأحكام ، هذا هو الوجه الأول.
وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى الوجه الثاني بقوله : (مع أن جلّ آيات الاصول والفروع ، بل كلّها ، ممّا تعلّق الحكم فيها بامور مجملة).
وحاصل هذا الوجه أن الآيات المتعلّقة بالأحكام مجملة من حيث متعلّقات الأحكام ؛ لأنّ الأحكام قد تعلّقت بامور مجملة كالصلاة والصوم وغيرهما من المخترعات الشرعية ،