الثالث : إنّ وقوع التحريف في القرآن ، على القول به ، لا يمنع من التمسّك بالظواهر ، لعدم العلم الإجمالي باختلال الظواهر بذلك ، مع أنه لو علم لكان من قبيل الشبهة غير المحصورة
____________________________________
أو نلتزم بالجواز من جهة العمل بالعموم الزماني ، هو قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) بناء على أن يكون أنّى بمعنى الزمان لا أن يكون بمعنى المكان حتى لا يرتبط بالمقام ، فأنّى شئتم يفيد العموم من حيث الزمان ، وقد خرج منه زمان الحيض فنتمسك به على الجواز بعد حصول النقاء من الحيض.
(الثالث : إن وقوع التحريف في القرآن ، على القول به ، لا يمنع من التمسّك بالظواهر).
وقبل البحث لا بدّ من تحرير محل النزاع لأنّ لفظ التحريف يطلق على عدّة معاني ، فيكون على أقسام :
قسم منه : قد وقع في القرآن باتفاق المسلمين كتحريف القرآن من حيث حمله على غير حقيقته كما نرى كثيرا من أهل المذاهب الباطلة قد حرّفوا القرآن بتأويلهم آياته على طبق أهوائهم ، وكنقص أو زيادة في الحروف أو الحركات.
وقسم منه : لم يقع باتفاق المسلمين كتحريف بالزيادة مثل أن يقال : بأن بعض القرآن الموجود ليس من الكلام المنزل من الله تعالى على النبي صلىاللهعليهوآله.
وقسم منه : قد وقع فيه الخلاف مثل التحريف بالنقيصة بمعنى أن القرآن الموجود بين أيدينا لا يشتمل على جميع القرآن ، بل قد ضاع بعضه على المسلمين ، ولكن المعروف بين المسلمين هو عدم وقوع التحريف في القرآن.
وقد صرّح بذلك كثير من الأعلام كالصدوق رحمهالله حيث عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية ، ومنهم الشيخ الطوسي قدسسره ، والسيّد المرتضى قدسسره ، وغيرهم ، نعم ، ذهب جماعة من المحدّثين من الشيعة ، وعدّة من علماء أهل السنّة إلى وقوع التحريف ، وقول المصنّف حيث قال على القول به يشعر بأنّه لا يقول بالتحريف.
ويقول على القول بالتحريف لا يمنع من التمسك بالظواهر وذلك لوجوه :
الوجه الأول : (لعدم العلم الإجمالي باختلال الظواهر بذلك) أي : باحتمال وقوعه لاحتمال أن يكون الساقط آيات مستقلة ، فلا تكون مخلّة بظهور سائر الآيات.
والوجه الثاني : لو سلّمنا العلم الإجمالي باختلال بعض الظواهر بالتحريف فإنّه لا