ويمكن توجيه هذا التفصيل : بأنّ الظهور اللفظي ليس حجّة إلّا من باب الظن النوعي ، وهو كون اللفظ بنفسه لو خلّي وطبعه مفيدا للظن بالمراد.
فإذا كان مقصود المتكلّم من الكلام إفهام من يقصد إفهامه ، فيجب عليه إلقاء الكلام على وجه لا يقع المخاطب معه في خلاف المراد ، بحيث لو فرض وقوعه في خلاف المقصود كان ؛ إمّا لغفلة منه في الالتفات إلى ما أكتنف به الكلام الملقى إليه ، وإمّا لغفلة من المتكلّم في إلقاء الكلام على وجه يفي بالمراد.
____________________________________
موجّهة إلينا ، بل كانت موجّهة إلى الموجودين في زمان هذه الخطابات.
وكذلك لم يكن الكتاب من قبيل تأليف المصنفين حتى يكون المقصود بالإفهام به كل من ينظر إليه ، فظواهر الأخبار والكتاب ليست حجّة لنا إلّا من باب الظن المطلق ، فدعوى صاحب القوانين باختصاص حجّية الظواهر للمقصودين بالإفهام دون غيرهم تنحل إلى دعويين :
أمّا الدعوى الاولى : فهي عدم حجّية الظواهر بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه.
وأمّا الثانية : فهي كون ظواهر الكتاب والسنّة من الظواهر التي لم يقصد بها إفهام غير المخاطبين بها.
والوجه للدعوى الثانية ـ بالنسبة إلى الكتاب ـ هو عدم توجّه خطاباته إلينا ، وعدم كونه من قبيل الكتب العلمية حيث يكون المقصود بالإفهام بها كل من يرجع إليها.
وبالنسبة إلى الروايات فهو أن أكثرها تكون أجوبة عن مسائل السائلين ، فتكون موجّهة إلى الرواة دون غيرهم.
وأمّا الوجه للدعوى الاولى فقد ذكره المصنّف رحمهالله حيث قال :
(ويمكن توجيه هذا التفصيل) وبيان هذا التفصيل تفصيلا مع التوجيه يتوقّف على مقدمة مشتملة على امور :
منها : إن الظهور اللفظي ليس حجّة إلّا من باب الظن النوعي ، وهو حصول الظن بكون الظاهر مرادا للمتكلّم لنوع الناس ، ومتعارف الناس ، وإن لم يحصل الظن الفعلي للبعض.
وبتعبير أوضح : إن الظن النوعي في مقابل الظن الشخصي هو أن يكون اللفظ مفيدا للظن بالمراد لنوع الإنسان ، فيكون مناط حجّية الظهور هو كون اللفظ مفيدا للظن النوعي