القرائن الموجّهة من متكلّم إلى مخاطب ، سواء كان ذلك في الأحكام الجزئية ، كالوصايا الصادرة عن الموصي المعيّن إلى شخص معيّن ، ثم مسّت الحاجة إلى العمل بها مع فقد الموصى إليه ، فإن العلماء لا يتأمّلون في الافتاء بوجوب العمل بظاهر ذلك الكلام الموجّه إلى الموصى إليه المقصود ، وكذا في الأقارير.
أم كان في الأحكام الكلّية ، كالأخبار الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام ، مع كون المقصود منها تفهيم مخاطبهم لا غير ، فإنه لم يتأمّل أحد من العلماء في استفادة الأحكام من ظواهرها ، معتذرا بعدم الدليل على حجّية أصالة عدم القرينة بالنسبة إلى غير المخاطب ومن قصد إفهامه.
ودعوى : «كون ذلك منهم للبناء على كون الأخبار الصادرة عنهم عليهمالسلام من قبيل تأليف المصنّفين» واضحة الفساد مع أنها لو صحّت لجرت في الكتاب العزيز ، فإنّه أولى بأن يكون من هذا القبيل فترتفع ثمرة التفصيل المذكور ، لأنّ المفصّل معترف بأن ظاهر الكلام الذي هو من قبيل تأليف المؤلفين حجّة بالخصوص ، لا لدخوله في مطلق الظن ، وإنّما كلامه في اعتبار ظهور الكلام الموجّه إلى مخاطب خاص بالنسبة إلى غيره.
والحاصل أن القطع حاصل لكل متتبّع في طريقة فقهاء المسلمين بأنهم يعملون بظواهر
____________________________________
والمصنّف رحمهالله يردّ هذا التفصيل حيث يقول : إن المناط في حجّية الظهور اللفظي هو أصالة عدم القرينة الصارفة عن الظاهر ، فلا يفرّق بين من قصد إفهامه وغيره لوجود المناط لهما ، ثم يأتي بأمثلة عرفية لا تحتاج إلى توضيح.
(ودعوى كون ذلك منهم للبناء على كون الأخبار الصادرة عنهم عليهمالسلام من قبيل تأليف المصنّفين).
يعني : إن الظواهر حجّة لمن قصد إفهامه لا غير ، الّا أن عمل العلماء بظواهر الأخبار ليس لحجّية ظواهرها مطلقا ولو لم يكن مقصودا بالإفهام بها ، بل كان لاعتقادهم بأن الكل مقصودون بالإفهام من أجل كون الأخبار من قبيل تأليف المصنّفين ، وهذه الدعوى واضحة الفساد لأنّا نقطع بأنّهم يعملون بالظواهر لاتفاقهم على حجّية الظواهر مطلقا لا لاعتقادهم بكونهم مقصودين بالإفهام ، هذا أولا.
وثانيا : (مع أنّها لو صحّت لجرت في الكتاب العزيز) ، أي : لو كانت الأخبار من قبيل