الكتاب وعرض الأخبار عليه ، فإنّ هذه الظواهر المتواترة حجّة للمشافهين بها ، فيشترك غير المشافهين ، فيتمّ المطلوب ، كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا تعرف النظر فيما ذكره المحقّق القمي رحمهالله ، بعد ما ذكر من عدم حجّية ظواهر
____________________________________
فإن قلت : إن التمسّك بهذا المتواتر مصادرة ، وذلك لأن المتواتر وإن كان قطعيا سندا إلّا أنّه ظاهر دلالة ، وهو محل للنزاع فجعله دليلا يكون مصادرة.
قلت : نحن لا نتمسّك به ، بل يتمسّك به من سمعه شفاها ، وكان مقصودا بالإفهام به ، ولكن يثبت وجوب الرجوع إلى الكتاب لنا من باب قاعدة الاشتراك في التكليف ، فيتمّ المطلوب بعد إعمال هذه القاعدة.
وهذا ـ كما يظهر من المصنّف رحمهالله وذكره المصطفى الاعتمادي ـ اعتراف وتثبيت للتفصيل المذكور ، مع أن المصنّف رحمهالله كان في مقام ردّ هذا التفصيل.
فالأولى تبديل قول المصنّف رحمهالله : فإن هذه الظواهر المتواترة ، بالنصوص المتواترة ، حتى لا نحتاج إلى قاعدة الاشتراك في التكليف في حجّية ظواهر الكتاب لنا ، ولعلّ تعبير المصنّف رحمهالله من الأول كان كذلك ، أي : فإنّ هذه النصوص المتواترة ، والشاهد عليه أولا كونه في مقام ردّ التفصيل ، وكلامه فإن هذه الظواهر المتواترة حجّة للمشافهين بها ، فيشترك غير المشافهين ، فيتمّ المطلوب. اعتراف بالتفصيل.
وثانيا : قول المصنّف رحمهالله : حيث يردّ قول صاحب القوانين ، الراجع إلى رواية الثقلين ، بأن حجّية ظاهرها بالنسبة إلينا مصادرة.
قال المصنّف رحمهالله ردّا للمصادرة المذكورة :
(إن العمدة في حجّية ظواهر الكتاب غير خبر الثقلين من الأخبار المتواترة الآمرة باستنباط الأحكام من ظواهر الكتاب ، وهذه الأخبار تفيد القطع ... إلى قوله : وليست ظاهرة في ذلك حتى يكون التمسّك بظاهرها لغير المشافهين بها مصادرة).
ومعلوم أن الظواهر لا تفيد القطع ومفهوم قوله : وليست ظاهرة ، بل نصوص ، لئلّا يلزم من الاستدلال بها مصادرة ، فالصحيح هو النصوص مكان الظواهر ، وعليه يكون الاستدلال بهذه الروايات المتواترة سندا ، والقطعية دلالة ردّا للتفصيل من دون اعتراف به.
(وممّا ذكرنا تعرف النظر فيما ذكره المحقّق القمي).