وكيف كان ، فاستدلّوا على اعتبار قول اللغويين باتفاق العلماء ، بل جميع العقلاء على الرجوع إليهم في استعلام اللغات والاستشهاد بأقوالهم في مقام الاحتجاج ، ولم ينكر ذلك أحد على أحد ؛ وقد حكي عن السيد في بعض كلماته دعوى الإجماع على ذلك ، بل ظاهر كلامه المحكي اتفاق المسلمين.
قال الفاضل السبزواري في ما حكي عنه في هذا المقام ، ما هذا لفظه : «صحة المراجعة إلى أصحاب الصناعات البارزين في صنعتهم ، البارعين في فنّهم فيما اختص بصناعتهم ، ممّا اتفق عليه العقلاء في كل عصر وزمان» انتهى.
وفيه : أن المتيقّن من هذا الاتفاق هو الرجوع إليهم مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد
____________________________________
(فاستدلوا على اعتبار قول اللغويين باتفاق العلماء ، بل جميع العقلاء).
وخلاصة هذا الوجه : أنّه قد قام الإجماع من العلماء ، بل العقلاء على الرجوع إلى كتب اللغة عند وقوع الخلاف في معنى لفظ ، فيرتفع الخلاف بعد تعيين المعنى من اللغة من دون أن يقول أحد بأن قول اللغوي ليس بحجّة.
والوجه الثاني هو : ما نقل عن الفاضل السبزواري من صحة المراجعة إلى أصحاب الصناعات من البنّاء ، والنجار ، والمهندس ، والنحوي ، والطبيب ، والفقيه ، واللغوي (البارزين في صنعتهم البارعين) أي : المتفوقين في فنّهم ، والرجوع إليهم (ممّا اتفق عليه العقلاء) فنستكشف عن هذا الاتفاق اعتبار قولهم فيما اختصّ بهم.
(وفيه : أن المتيقن من هذا الاتفاق)
والمصنّف قدسسره يردّ كلا الاتفاقين ، فالإجماع المذكور بكلا قسميه مردود ، ولا يرتبط بالمقام ، أمّا العلماء فرجوعهم إلى اللغة وإن كان ثابتا الّا أنّه لا يكون دليلا على حجّية الظن الحاصل من اللغة لإثبات التكليف الشرعي ، كما هو محل الكلام ، لأن العلماء بل الادباء منهم إنّما يرجعون إلى اللغات لأن غرضهم وهمّهم هو ضبط اللغات لشدة حاجتهم إليها في نظم الأشعار ، ومعاني الخطب وحلّ مشكلات الألفاظ ، ليتمكّنوا على مجادلة الخصوم في محافل الرؤساء والسلاطين ، حتى ينالوا بذلك ما يريدون من التقرب والعطايا الجزيلة ، فلا دخل لرجوعهم إلى هذا الغرض بما نحن فيه أصلا ، فاتفاقهم على الرجوع إلى اللغات لا يوجب حجّية قول اللغوي بما هو قول اللغوي ، بل لو كان قول اللغوي حجّة لكانت