الإجماع المنقول بخبر الواحد
ومن جملة الظّنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد عند كثير ممّن يقول باعتبار الخبر بالخصوص ، نظرا إلى أنّه من أفراده فتشمله أدلّته ، والمقصود من ذكره هنا مقدّما على بيان الحال في الأخبار هو التعرض للملازمة بين حجّية الخبر وحجّيته.
____________________________________
(ومن جملة الظّنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول) وقبل الدخول في البحث تفصيلا لا بدّ من تحرير ما هو محلّ الكلام في المقام ، ويتّضح بعد بيان أمرين :
الأمر الأول : مناط حجّية الإجماع عند العامّة مخالف لما هو مناط الحجّية عند الخاصة ، لأنّ مناط الحجّية عند العامة هو نفس الاتفاق ، فللإجماع موضوعية عندهم ، وهو دليل مستقل في قبال سائر الأدلة ، هذا بخلاف ما هو المناط عند الخاصّة الإمامية ؛ لأنّ مناط الإجماع عندهم هو قول المعصوم عليهالسلام ، ولمّا كان الإجماع كاشفا عنه كان حجّة ، فيكون من السنّة ، ولا يكون دليلا مستقلّا في مقابل سائر الأدلة ، ولهذا كان الأنسب تأخير هذا البحث عن بحث حجّية خبر الواحد لترتّبه على القول بحجّية خبر الواحد.
الأمر الثاني : هو أنّ الإجماع ينقسم إلى : المحصّل والمنقول ، ثمّ الأول إلى القطعي والظنّي ، والمحصّل ما حصّل بالتتبع ، ثم المتتبع بعد تحصيله لأقوال العلماء إما يحصل له العلم بقول المعصوم ، أو الظنّ به من اتفاقهم ، ثمّ أنّ المنقول قد يكون بالتواتر ، وقد يكون بخبر الواحد المحفوف بما يوجب القطع بصدقه ، وقد يكون بخبر الواحد المجرّد عن القرينة ، ومحلّ النزاع هو الأخير ، أي : الإجماع المنقول بخبر الواحد الظني.
وذهب جماعة ، بل أكثر الاصوليين ، إلى حجّية الإجماع المنقول بخبر الواحد(نظرا إلى أنّه من أفراده) ، أي : من أفراد خبر الواحد ، غاية الأمر أنّ نقل قول المعصوم في الخبر يكون بعنوان : قال الصادق عليهالسلام كذا ، وفي الإجماع بعنوان : أجمع العلماء على كذا ، والمحكي في الموردين واحد.
قوله : (والمقصود من ذكره هنا مقدّما ... إلى آخره) ، دفع لما قد يرد في المقام من أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد يكون فردا من أفراد خبر الواحد ، فلا وجه لذكره مقدما على بحث الخبر وجعله بحثا مستقلا.