توضيح الحال إن شاء الله.
وأمّا الآيات فالعمدة فيها من حيث وضوح الدلالة هي آية النبأ ، وهي إنّما تدلّ على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق.
والظاهر منها ـ بقرينة التفصيل بين العادل حين الإخبار والفاسق ، وبقرينة تعليل اختصاص التبيّن بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع في الندم احتمالا مساويا ، لأنّ الفاسق
____________________________________
على نحو النقل بالمعنى ، كما هو المتعارف عند الفقهاء قبل توسع علم الاصول ، بل حجّية مطلق الظن بالحكم الصادر عن المعصوم عليهالسلام ، مع أنّه لم يقل أحد بحجّية هذه الامور.
فيرجع حاصل الدفع إلى قياس استثنائي ، فنقول : لو ثبت هذا المناط دلّ على حجّية الامور المتقدمة ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
(وأمّا الآيات فالعمدة فيها من حيث وضوح الدلالة هي آية النبأ) ، قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١).
قوله : (والظاهر منها بقرينة التفصيل ... إلى آخره) دفع لما يقال : من أنّ النبأ هو الخبر ، وهو أعمّ من أن يكون المخبر به حسّيا أو حدسيا ، وحاصل الدفع : إنّ ما ذكر صحيح ، ولكن المراد بالمخبر به في الآية هو الحسّي ، لما أفاده المصنّف رحمهالله في المتن حيث ذكر القرينتين عليه ، ثم أن دلالة الآية على حجّية الخبر إذا كان عن حسّ تتضح بعد ذكر مقدمة ، وهي :
إن الخبر لا يحكم بحجّيته وقبوله الّا بعد نفي وسدّ احتمال عدم مطابقته للواقع ورجحان إصابته له ، لأنّ الخبر إذا كان حسيّا سواء كان من أخبر به عادلا أو فاسقا ، يكون احتمال عدم مطابقته للواقع أحد أمرين :
الأول : احتمال تعمّد الكذب من المخبر.
الثاني : احتمال الخطأ والغفلة والنسيان منه.
وكذلك يأتي نفس الاحتمالين في الخبر إذا كان عن حدس ، غاية الأمر احتمال الخطأ في الخبر الحسّي يكون في الحسّ ، وفي الحدسي يكون في الحدس ، فلإثبات حجّية
__________________
(١) الحجرات : ٦.