تنبيهات
وينبغي التنبيه على امور :
الأول : هل القطع حجّة سواء صادف الواقع أم لم يصادف؟
إنّه قد عرفت أنّ القاطع لا يحتاج في العمل بقطعه إلى أزيد من الأدلّة المثبتة لأحكام مقطوعه ، فيجعل ذلك كبرى لصغرى قطع بها فيقطع بالنتيجة ، فإذا قطع بكون شيء خمرا وقام الدليل على كون حكم الخمر في نفسها هي الحرمة ، فيقطع بحرمة ذلك الشيء.
____________________________________
(وينبغي التنبيه على امور).
وقبل البحث عن التجرّي لا بدّ من ذكر أمرين :
الأمر الأول : أن بحث التجرّي هل هو من المسائل الاصولية أو من المسائل الكلامية ، أو من المسائل الفقهية؟
الأمر الثاني : هو بيان الفرق بين التجرّي والمعصية وكذلك بين الانقياد والإطاعة.
أمّا الأمر الأول ، فنقول : إنّ مسألة التجرّي يمكن أن تكون من المسائل الكلامية ، فيبحث فيها عن استحقاق المتجرّي للعقاب وعدم استحقاقه له ، ويمكن أن تكون من المسائل الفقهية ، فيبحث فيها عن أنّ الفعل المتجرّى به هل يكون محرّما أم لا؟
ويمكن أن تجعل من المسائل الاصولية ، فيبحث فيها عن أن التجرّي هل يوجب قبح الفعل المتجرّى به فيترتّب عليه الحكم بالحرمة ، فتقع في طريق استنباط الحكم الشرعي فتكون من المسائل الاصولية؟
أمّا الأمر الثاني ، فنقول : إنّ التجرّي لغة هو أعمّ من المعصية لأنّه عبارة عن الطغيان والتمرد الشامل للعصيان ، وكذلك يكون الانقياد أعمّ من الإطاعة ، هذا بحسب اللغة.
وأمّا بحسب الاصطلاح الاصولي يكون التجرّي مباينا للعصيان ، وهكذا يكون الانقياد مباينا للإطاعة ، وذلك أنّ التجرّي عند الاصوليين هو مخالفة القطع غير المصادف للواقع ، أو مخالفة مطلق الحجّة غير المصادف للواقع ، والمعصية تكون بالعكس ، وكذلك بالنسبة إلى الانقياد والإطاعة ، فالأول هو موافقة القطع غير المصادف للواقع. والثاني بالعكس.