بها ـ مع فرض عدم المعارض ـ القول بالحكم المعيّن في المسألة.
ومن المعلوم أنّ نسبة هذا الحكم إلى العلماء في مثل ذلك لم تنشأ إلّا من مقدّمتين أثبتهما المدّعي باجتهاده :
إحداهما : كون ذلك الأمر المتّفق عليه مقتضيا ودليلا للحكم لو لا المانع.
والثانية : انتفاء المانع والمعارض.
ومن المعلوم أنّ الاستناد إلى الخبر المستند إلى ذلك غير جائز عند أحد من العاملين بخبر الواحد.
____________________________________
العمل بها ، فيدّعي الإجماع في الحكم المستفاد منها ، أو يتحدّس بالاتفاق من قول الفقهاء : كلّ شيء طاهر ، ما لم يدلّ دليل على النجاسة ، فيدّعي الإجماع على طهارة عذرة الطيور الغير المأكول لحمها ، لعدم الدليل على النجاسة.
(ومن المعلوم أنّ نسبة هذا الحكم إلى العلماء في مثل ذلك لم تنشأ إلّا من مقدمتين ... إلى آخره) ، أي : جاريتين في كلّ شيء ممكن ، حكما كان أو موضوعا ، وذلك لأنّه لا بدّ في تحقّق أيّ شيء من وجود أمرين :
الأوّل : وجود المقتضي.
والثاني : عدم المانع.
فإذا كان المقتضي للشيء موجودا والمانع مفقودا ؛ لتحقّق ذلك الشيء بلا إشكال ، ومدّعي الإجماع ـ في المقام ـ يدّعي وجود هذين الأمرين باجتهاده وحدسه.
وذلك لأنّه اجتهد وتحدّس ـ أولا ـ من كون أصالة البراءة أمرا متّفقا عليه عندهم كونها مقتضيا ودليلا على الحكم ، مثل حلّيّة شرب التتن مثلا.
ثمّ اجتهد وتحدّس ـ ثانيا ـ بانتفاء المانع بعد فحصه عن دليل الحرمة ، وعدم وجدانه ذلك ثم حكم بالحلّيّة ، وادّعى الإجماع عليه ، فنسبة الحكم إلى العلماء بعنوان الإجماع نتيجة للمقدّمتين الحدسيتين.
ثمّ أشار المصنف قدسسره إلى عدم اعتبار هذا الإجماع بقوله :
(ومن المعلوم أنّ الاستناد إلى الخبر) ، أي : الإجماع المنقول (المستند إلى ذلك) ، أي : الاجتهاد والحدس (غير جائز عند أحد من العاملين بخبر الواحد).