وما تقدّم من المحقّق السبزواري من ابتناء دعوى الإجماع على ملاحظة الكتب الموجودة عنده حال التأليف ، فليس عليه شاهد ، بل الشاهد على خلافه ، وعلى تقديره فهو ظنّ لا يقدح في العمل بظاهر النسبة ، فإنّ نسبة الأمر الحسّي إلى شخص ، ظاهر في احساس الغير إيّاه من ذلك الشخص. وحينئذ فنقل الإجماع غالبا ـ إلّا ما شذّ ـ حجّة بالنسبة إلى صدور الفتوى عن جميع المعروفين من أهل الفتاوى.
ولا يقدح في ذلك أنّا نجد الخلاف في كثير من موارد دعوى الإجماع ، إذ من المحتمل إرادة الناقل ما عدا المخالف ، فتتبّع كتب من عداه ونسب الفتوى إليهم ، بل لعلّه اطّلع على رجوع
____________________________________
بالإجماعات المنقولة ، فقال يبقى هنا شيء ، وهو حجّية الإجماع في الجملة ، أي : بالنسبة إلى نقل الأقوال التي يمكن تحصيلها عن حسّ لناقل الإجماع ، وذلك إن لنقل الإجماع ظهورين :
أحدهما : هو نقل أقوال الكلّ.
وثانيهما : هو تحصيلها ووجدانها بالحسّ والتتبع ، ثم نرفع اليد عن الأول لكونه متعذرا أو متعسرا عادة للناقل ، ونأخذ بالثاني.
ونتيجة ذلك هي أنّ الناقل قد ينقل ما يتمكّن من تحصيله بالحسّ والتتبع من أقوال أصحاب الكتب الفقهية ، فيثبت هذا المقدار من أقوالهم للمنقول إليه ، لأنّ إخباره بهذا المقدار يكون عن حسّ ، فيكون تحصيل فتوى جميع أرباب الكتب الفقهية بالتتبع أمرا محتملا لا يمنعه عقل ولا عادة.
فعلى هذا ما تقدّم من المحقّق السبزواري من ابتناء دعوى الإجماع على ملاحظة الكتب الموجودة حال التأليف لا يخلو عن اشكال ، لأنّ لفظ الإجماع ظاهر في تتبع أقوال جميع أرباب الكتب لا أرباب الكتب الموجودة حال التأليف ، فيكون هذا الظهور شاهدا على خلاف ما ذكره السبزواري قدسسره.
وكيف كان ، فقد يثبت بنقل ناقل الإجماع مقدار من الأقوال والفتاوى للمنقول إليه ، فإذا تتبع المنقول إليه وحصّل مقدارا آخرا من الأقوال والأمارات بحيث إذا انضمّ ما حصل إلى ما نقل يصير المجموع ملازما لقول الإمام عليهالسلام عادة لكان المجموع حجّة له.
(ولا يقدح في ذلك إنّا نجد الخلاف في كثير من موارد دعوى الإجماع ... الخ) ، أي : لا