إبطال توهّم كونها من الظنون الخاصّة ، وإلّا فالقول بحجّيتها من حيث إفادة المظنّة بناء على دليل الانسداد غير بعيد ، ثمّ إنّ منشأ توهّم كونها من الظنون الخاصّة أمران :
أحدهما : ما يظهر من بعض ، من أنّ أدلّة حجّية خبر الواحد تدلّ على حجّيته بمفهوم الموافقة ؛ لأنّه ربّما يحصل منها الظنّ الأقوى من الحاصل من خبر العادل. وهذا خيال ضعيف تخيّله بعض في بعض رسائله ، ووقع نظيره من الشهيد الثاني في المسالك ، حيث وجّه حجّية الشياع الظنّي بكون الظنّ الحاصل منه أقوى من الحاصل من شهادة العدلين ، ووجه الضعف :
____________________________________
(ثمّ إنّ المقصود هنا ليس التعرّض لحكم الشهرة من حيث الحجّية في الجملة) ، يقول المصنّف رحمهالله : إنّ المقصود من البحث عن حجّية الشهرة ليس حجّيتها ولو من باب الانسداد ، أو من باب كونها جزء السبب الكاشف ، كما مرّ في الإجماع ، بل المقصود هو : (إبطال توهّم كونها من الظنون الخاصّة) ، وإلّا فليس في اعتبارها من باب الانسداد إشكال ، ولا يكون اعتبارها كذلك بعيدا.
(ثمّ إنّ منشأ توهّم كونها من الظنون الخاصّة أمران) والمصنّف رحمهالله ، يذكر أولا ما هو المنشأ لتوهّم كون الشهرة من الظنون الخاصّة ، ثمّ يردّ التوهّم بردّ منشئه ، والمنشأ كما ذكر المصنّف رحمهالله أمران :
الأمر الأول : هو مفهوم الموافقة.
والأمر الثانى ـ كما سيأتي في كلامه ـ : هو الرواية.
ثمّ تقريب الأمر الأول قد أشار إليه بقوله :
(أحدهما : ما يظهر من بعض) ، قيل : المراد به هو الشيخ أحمد النراقي رحمهالله ، وقيل : هو صاحب الرياض رحمهالله ، (أنّ أدلّة حجّية خبر الواحد تدلّ على حجّيته) الشهرة (بمفهوم الموافقة) ، أي : بالأولويّة ، إذ الظن الحاصل من الشهرة يكون أقوى من الظن الحاصل من خبر العادل ، فحينئذ إذا كان خبر العادل حجّة بملاك إفادته الظن كانت الشهرة أولى بالحجّية لقوة الظّن فيها ، ثم إنّ الاستدلال بالأولويّة المذكورة مبنيّ على امور :
منها : أن يكون المناط في حجّية خبر العادل هو الظن.
ومنها : إنّ الظن بكون المناط هو الظّن لا يكفي لعدم حجّية الأولويّة الظنّية ، بل لا بدّ من